الأعمال التي تخرج من الملة

عندي سؤال: ما هي الأخطاء التي لو وقع فيها الإنسان يعتبر كافرًا بدين الإسلام ولابد أن يقول الشهادة من جديد؟ وهل عندما يقول الشهادة يُصبح مثله مثل الكافر طيلة عمره الذي أسلم؟
السؤال الثاني: أنا أعرف أن تارك الصلاة لا يكون من المسلمين. ما حكم المتزوجة من إنسان لا يصلي؟ أفيدوني أفادكم الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فإن أعمال الشرك الأكبر في الجملة هي التي تخرج من الملة؛ لقوله تعالى:﴿ إنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَ‌لِكَ لِمَن يَشَآءُ﴾[النساء: 48].

فالمعاصي في الجملة من أمور الجاهلية، ولا يكفر فاعلها بارتكابها إلا بالشرك، كما عنون بذلك البخاري في «صحيحه»، ثم ذكر هذه الآية السابقة.

وهناك أعمال بعينها نصَّ الشارع على أنها من نواقض الإسلام كالسحر؛ لقوله تعالى: {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} [البقرة: 102]، وتصديق الكهنة والعرافين ونحوه؛ لحديث: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا قَالَ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ»(1).

والأعمال تحبط بالموت على الردة في أظهر أقوال أهل العلم؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 217].
أما تارك الصلاة ففيه تفصيل: إن كان قد تركها جحودًا لها وإنكارًا لوجوبها فهذا مجمع على خروجه من الملة، وإن كان قد تركها تهاونًا أو تفريطًا فهذا موضع نظر بين أهل العلم: فمنهم من ألحقه بالجاحد والمنكر؛ لعموم النصوص، كقوله ﷺ: «العَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ»(2).
ومنهم من قضى بفسقه فقط؛ لعموم قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 48] وهذا الذي يبدو أنه الأظهر.
وبناء على ذلك فمن كانت تحت رجلٍ لا يصلي، ولم يكن جاحدًا لوجوب الصلاة، فيجب عليها أن تستديم نصحه، وألا تملَّ من ذلك، وأن تسلك كل الطرق التي تصل من خلالها إلى عقله وقلبه؛ فإن أخفقت في ذلك كان لها أن تطالب بالتفريق بينها وبينه لنشوزه على ربه وإضراره بها، وكان لها أن تستمر على استدامة نصحه وأن تبقى تحته إن كانت المضرة في الانفصال فادحة عليها وعلى أطفالها.
ثم يبقى أن تضرع إلى الله في غدوِّها ورواحها وفي أسحارها وأدبار صلواتها أن يرده الله إليه ردًّا جميلًا، وأن يفتح له أبوب التوبة، وأن يأخذ بناصيته إلى ما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________
(1) أخرجه بلفظه وتمامه أحمد في «مسنده» (2/429) حديث (9532)، وبنحوه أبو داود في كتاب «الطب» باب «في الكاهن» حديث (3904)، والترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء في كراهية إتيان الحائض» حديث (135)، وابن ماجه في كتاب «الطهارة وسننها» باب «النهي عن إتيان الحائض» حديث (639)، كلٌّ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (551)، وذكره في «صحيح الجامع» حديث (5939).

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/346) حديث (22987)، والترمذي في كتاب «الإيمان» باب «ما جاء في ترك الصلاة» حديث (2621)، والنسائي في كتاب «الصلاة» باب «الحكم في تارك الصلاة» حديث (463)، وابن ماجه في كتاب «إقامة الصلاة والسنة فيها» باب «ما جاء فيمن ترك الصلاة» حديث (1079)، والحاكم في «مستدركه» (1/48) حديث (11). من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح»، وقال الحاكم: «حديث صحيح الإسناد لا تعرف له علة بوجه من الوجوه فقد احتجا جميعًا بعبد الله بن بريدة عن أبيه واحتج مسلم بالحسين بن واقد ولم يخرجاه بهذا اللفظ، ولهذا الحديث شاهد صحيح على شرطهما جميعًا»، وصححه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (574).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   09 نواقض الإيمان., 15 الحدود

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend