دعاء المطلقة أن يرد الله إليها طليقها

طلَّقني زوجي في المحكمة رغم كل محاولاتي معه، وأنا أرفض بشدة، هل يجوز أن أدعو الله أن نتزوَّج من جديد؛ لأنني أكنُّ له مودة وأعلم أنه قال: إنه كرهني. كيف العمل؟ هل هذا نصيبي وقدري؟ إنني منهارة ومقهورة ولا أتخيل حياتي دونه؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن أبواب الدعاء مفتوحة على مصراعيها للمكروبين، ويُرجى لمن أخلص في الدعاء أن يستجيب الله له ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحم(1).
ولا حرج في أن تسألي اللهَ جل وعلا أن يردَّ إليك زوجك، وأن يتألَّف قلبه على مراجعتك، فإن قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه جل وعلا يُقلبلها كيف يشاء(2).
فأخلصي في الدعاء، واصبري على ما أصابك، واعلمي أن الصبر بالتصبر(3)، وأن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب(4)، وأن أفضل العبادة انتظار الفرج(5).
وأفضل من الدعاء برجعة الزوج أن تُفوِّضي أمرك إلى الله قائلة: اللهم إن كنت تعلم أن رجوعي إلى زوجي خيرٌ لي في ديني ودنياي فاقدره لي ويسره لي وبارك لي فيه، وإن كانت الأخرى فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان وأرضني به(6).
فكم من أمورٍ اشتدَّ تعلُّق الإنسان بها في حياته وصرفها الله عنه، ولو قدرها له لكان فيها عطبه وهلاكه، وصدق اللهُ القائلُ: ﴿وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا﴾ [الإسراء: 11] والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1)  ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الدعوات» باب «يستجاب للعبد ما لم يعجل» حديث (6340)، ومسلم في كتاب «الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار» باب «بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل فيقول دعوت فلم يستجب لي» حديث (2735) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي ﷺ أنه قال: «لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ»

(2)  فقد أخرج مسلم في كتاب «القدر» باب «تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء» حديث (2654) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ب أن النبي ﷺ قال: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ». ثم قال رسول الله ﷺ: ««اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ»».

(3)  ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الزكاة» باب «الاستعفاف عن المسألة» حديث (1469)، ومسلم في كتاب «الزكاة» باب «فضل التعفف والصبر» حديث (1053)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله ﷺ فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى نفد ما عنده فقال: «مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ الله، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ».

(4) قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10].

(5)أخرجه الترمذي في كتاب «الدعوات» باب «في انتظار الفرج وغير ذلك» حديث (3571)، والطبراني في «الأوسط» (5/230) حديث (5169)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه  قال: قال رسول الله ﷺ: «سَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّ الله عز و جل  يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ، وَأَفْضَلُ الْعِبَادَةِ انْتِظَارُ الْفَرَجِ»، وقال الترمذي: «هكذا روى حماد بن واقد هذا الحديث وقد خولف في روايته وحماد بن واقد هذا هو الصفار ليس بالحافظ وهو عندنا شيخ بصري وروى أبو نعيم هذا الحديث عن إسرائيل عن حكيم بن جبير عن رجل عن النبي ﷺ مرسلًا وحديث أبي نعيم أشبه أن يكون أصح»، وذكره العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/258) وقال: «الترمذي من حديث ابن مسعود وقال حماد بن واقد ليس بالحافظ، قلت: وضعفه ابن معين وغيره».

(6)  فقد أخرج البخاري في كتاب «الدعوات» باب «الدعاء عند الاستخارة» حديث (1166) من حديث جابر بن عبد الله ب قال: كان النبي ﷺ يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن: إذا همَّ بالأمر فليركع ركعتين ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب؛ اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال في عاجل أمري وآجله- فاقدره لي. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به. ويسمي حاجته.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الطلاق, 12 فتاوى المرأة المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend