تفصيل أنواع أسماء الله تعالى بعد إجمالها في الحديث بقوله: «سميت به نفسك»

جاء في دعاء الهم والحزن: «أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ…إلخ الحديث».
وسؤالي حول قوله صلى الله عليه وسلم: «أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ… إلخ الحديث». بعد قوله صلى الله عليه وسلم: «سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ». فإن كل ما ورد بعدها مما سمى الله به نفسه، فلِمَ ذكر في البداية قوله: «سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ»؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذه الثلاثة أنواع تفصيل لأسماء الله عز وجل التي في قوله: «أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ».
قال العلامة الملا علي قاري في «مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح»: «سميت به نفسك؛ أي: ذاتك، وهو مجمل، وما بعده تفصيل له على سبيل التنويع»(1). اهـ.
ويؤكد على هذا المعنى الشيخ ابن عثيمين فيقول: «أسماء الله تعالى كثيرة، لا يمكن حصرُها مهما أردت، ولا يمكن أن تحصيها، والدليل: حديث عبد الله بن مسعود: «مَا مِنْ إِنْسَانٍ يُصِيبُهُ هَمٌّ أَوْ غَمٌّ أَوْ حَزَنٌ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ»(2). فجعل الله الأسماء ثلاثة أقسام: ما أنزله في كتابه؛ مثل: الرحمن. أو علمته أحدًا من خلقك؛ مثل: الرب، الشافي، هذه ليست في القرآن لكن جاءت في السنة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ للرَّبِّ»(3). وقال عليه الصلاة والسلام: «أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ»(4). هذا أنزله في كتابه أو علمه أحدًا من خلقه.
القسم الثالث: ما استأثر الله به في علم الغيب- استأثر بمعنى انفرد- لكن ما انفرد الله بعلمه فلم ينزله في الكتاب، ولم يعلمه أحدًا من الخلق، هل يمكن الإحاطة به؟ لا يمكن، إذن أسماء الله لا يمكن الإحاطة بها أو حصرها بعدد؛ لأننا لا نعلمها». اهـ. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) «مرقاة المفاتيح» (5/362).

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/391) حديث (3712)، والحاكم في «مستدركه» (1/690) حديث (1877)، وابن حبان في «صحيحه» (3/253) حديث (972)، وأبو يعلى في «مسنده» (9/199) حديث (5297)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/136) وقال: «رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان». وصححه الألباني في «الكلم الطيب» ص74.

(3) أخرجه النسائي في كتاب «الطهارة» باب «الترغيب في السواك» حديث (5) من حديث عائشة رضي الله عنها. وذكره الألباني في «صحيح سنن النسائي» (5).

(4) أخرجه مسلم في كتاب «الصلاة» باب «النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود» حديث (479) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend