زواج الشاب بمن تكبره سنًّا مع رفض أمه

أنا شاب أبلغُ من العمر 33 سنة، تعرفت على فتاة عمرها 37 سنة، طيبة ذات خلق ودين، تسكن هي وأمُّها مع أخيها المتزوج ولديه طفلان.
تعرفت عليها في الشات، وعدتها بالزواج، أخبرت أمي لكنها لم توافق بسبب فرق السن، وأخبرتها برأي أمي فانفصلنا لمدة سنتين.
ذات يوم وسوس لي الشيطان أن أكلمها، فكلمتها، وبداية رفضت، لكني بدأت بالإصرار حتى أصبحنا نتحدث تقريبًا كل يوم، وكل يوم تسألني: هل أخبرت أمي بعودتنا لبعضنا البعض؟ وأجيبها: سأفعل.
وتقابلنا ثلاث مرات، تسأل دائمًا عن علم أمي، وأجيبها بنفس الجواب. لكن في المرة الثالثة للقائنا ألححت عليها أن أُقَبِّلَها فوافقت، وعندما قبلتها هاجت مشاعرها فاستسلمت لي، لكن بعد الفراق أحسست بالندم الشديد؛ لأنني استغللت حبها لي، وحتى هي أحست بالندم. وطلبتُ منها أن تسامحني فسامحتني، ولكن الندم ما زال يؤرقني، وبعد يومين تكلمت معها فطلبت مني أن نقطع الاتصال ببعضنا البعض هاتفيًّا وحتى الرسائل حتى توافق والدتي على الزواج منها.
تكلمت مع أمي لكنها لم توافق، وذلك لكبر سن الفتاة، إنها لن توافق حتى لو بعد موتها.
وصليت صلاة الاستخارة مرتين: المرة الأولى رأيت أني أتزوج، والمرة الثانية رأيت أني عدت من السفر فكانت امرأة أمام الباب تظهر عليها الشيخوخة وهي تنتظر دخولي، بينما أنا أهم بالدخول كنت في غاية السعادة والاستعجال لدخول البيت، سمعت صوتًا يناديني فأجبته: أنا في عجلة من أمري، أريد أن أدخل بيتي حتى آخذ حقي الشرعي من زوجتي وأعود إليك.
هل هذا حلم أم أضغاث أحلام أم أنها بشرى؟
وقد علمت أنت المرأة الكبيرة تكون رغبتها الجنسية ضعيفة وفرصة حملها ضعيفة مع تقدم السن. فهل ذلك صحيح؟
هل الوفاء بالوعد يلزمني؟ لأنني أردت أن أتزوجها من أجل إسعادها، من أجل أخذ الثواب. وأحس في قرارة نفسي أنها ستسعدني، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج أمنا خديجة أكبر منه وأنجبت بعد سن الأربعين، ولكن بركة الرسول كانت حاضرة.
ماذا أفعل؟ هل أقنع والدتي أن توافق؟ هل زواجنا سينجح؟ هل الرؤيا أو الحلم يجب الأخذ به؟ هل صحيح أن المرأة الكبيرة تكون رغبتها الجنسية ضعيفة؟ هل صحيح أنه تقل نسبة الحمل وتتبعه مضاعفات؟
المرجو الإجابة عن تساؤلاتي، وجزاكم الله خيرًا؛ فأنا في حيرة من أمري. وشكرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد استزلك الشيطان حتى أوقعك فيما وقعت فيه من مقدمات الزنا، فبادر بالتوبة إلى الله عز وجل، وسله سترَه وعافيتَه، وأكثر من فعل الحسنات؛ ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾ [هود: 114].
والزواج يا بُنيَّ كغيره من الأمور التي يهمُّ بها المرءُ في حياته، عليه أن يركع ركعتين من غير الفريضة، ويستخير الله عز وجل، ثم يمضي في أمره؛ فإن كان خيرًا يسره الله عز وجل، وإن كانت الأخرى صرفه عنه(1).
وفارق السن بينكما ليس كبيرًا من الناحية العُرفية، ولا حرج فيه من الناحية الشرعية.
فالتمس مرضاة أمك، فإن أبت فلا حرج عليك في الزواج منها إن قدرت على ذلك، وموافقة أمك ليست شرطًا في صِحَّةِ العقد، وسوف تقبل به بعد حين، هذا إن وجدت تيسرًا في الأمر، أما إن وجدت تعسيرًا وتعويقًا فتلك إشارة قدرية لك بالإعراض عن الأمر بالكلية.
ونؤكد عليك ألا ترجع إلى التواصل مع هذه الفتاة حتى تحسم أمرك في الزواج منها. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) فقد أخرج البخاري في كتاب «الدعوات» باب «الدعاء عند الاستخارة» حديث (1166) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن: إذا همَّ بالأمر فليركع ركعتين ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرُك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم؛ فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم، ولا أعلم، وأنت علام الغيوب؛ اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمرَ خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال في عاجل أمري وآجله- فاقدره لي. وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري- أو قال في عاجل أمري وآجله- فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رَضِّني به. ويسمي حاجته.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend