أنا أقيم في دولة أوربية، وحدث أنني وأنا أقود سيارتي قام أحد أهل هذا البلد بالاصطدام بسيارتي وأَحْدَث بها أضرارًا وهو المخطئ، وعندما تكلَّمتُ معه بالحسنى رفض التفاهم ولم يوافق على الإمضاء على الورقة الخاصة بالتأمين ضد الحوادث حسب قوانين هذه البلاد، وعندما هممت بالاتصال بالشرطة تشاجر معي وحاول ضربي وسبَّني وقطع لي ملابسي ثم هرب، وأنا الآن أحتاج إلى شاهدٍ معي لأنهم طلبوا مني ذلك وطلبت ممن شاهدوا الحادث أن يشهدوا معي فرفضوا لأنهم أهل بلده. فهل إذا استعنت بأحد المسلمين للشهادة معي حتى وإن لم يرَ الواقعة تكون شهادته شهادةَ زور؟ وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فمع تفهُّمي لمعاناتك، ومع تعاطفي مع مظلمتك إلا أن شهادة الزور لا تحلُّ بحال، فقد عدلت شهادة الزور الإشراك بالله، قال تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ﴾ [الحج: 30- 31](1).
فإن عجزت عن إثبات حقِّك فارفع أَكُفَّ الضراعة إلى الذي لا تخفى عليه خافية، وسَلْه أن يُنزل بالظالم بأسه، وأن يُقيم بينكما عدله، وهو القائل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم: 42]
زادك الله توفيقًا وهدًى.واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
____________________
(1) ففي الحديث الذي أخرجه أبو داود في كتاب «الأقضية» باب «في شهادة الزور» حديث (3599)، والترمذي في كتاب «الشهادات» باب «ما جاء في شهادة الزور» حديث (2300)، وابن ماجه في كتاب «الأحكام» باب «شهادة الزور» حديث (2372)، من حديث خُرَيم بن فاتك الأسدي رضي الله عنه قال: صَلَّى رسول الله ﷺ صلاةَ الصبح، فلما انصرف قام قائمًا فقال: «عُدِلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالْإِشْرَاكِ بِالله» ثَلَاثَ مِرَارٍ. ثم قرأ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ وقال الترمذي: «هذا عندي أصح، وخريم بن فاتك له صحبة وقد روى عن النبي ﷺ أحاديث وهو مشهور».
وأخرجه الطبراني في «الكبير» (9/109) حديث (8569) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه . وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/200- 201) وقال: «إسناده حسن».