هل المذهب الإباضي على حقٍّ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الإباضية فِرقةٌ من فرق الخوارج، فهم يرون أن من أقر بالتوحيد والرسالة، ولكنه ضيَّع الفرائضَ الدينية أو ارتكب بعض الكبائر فإنه يسمى موحدًا وليس بمؤمن ولا بمُشرك، وأن مرتكب الكبيرة كافرٌ كُفر نعمة وليس كافرًا كُفر شركٍ.
ويرون تخليدَ أهل الكبائر من المسلمين بدُون توبة في النار أبدًا، وأنه لا تقبل فيهم شفاعة يوم القيامة، وأن الله منفذ وعيده فيهم لا محالة، وهذا على خلاف قوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48]. وعلى خلاف ما صحَّ من أن شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهلِ الكبائر من أُمَّته(1).
وهم يقولون بخَلقِ القرآن موافقةً للمعتزلة، وقد اتفق أهل السنة على أن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
إلى غير ذلك من المقولات الأخرى التي خالفوا فيها أهلَ السنة، ولكنهم في الجملة أقلُّ ابتداعًا من غيرهم من فرق الخوارج الأخرى، وأقلهم نكاية في خصومهم.
وينبغي أن يراعى التفريق في ذلك بين علمائهم وخواصهم من جهة، وبين عوامهم وجهالهم من جهة أخرى، وأن يعامل كلُّ فريق بما يستحق، فلا يُحاسَب العوام بما يحاسب به العلماء منهم والخاصة. والله تعالى أعلى وأعلم.
________________
(1) أخرجه أحمد في «المسند» حديث (13222)، وأبو داود في كتاب «السنة» باب «الشفاعة» حديث (4739)، والترمذي في كتاب «صفة القيامة» باب «ما جاء في الشفاعة» حديث (2435)، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، ولفظه: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي». وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح غريب».