من المعروف أن قراءةَ الأبراجِ لا يجوزُ شرعًا، وهذا لدخوله في عالمِ الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
سؤالي هو: هل من بأس قراءة شخصية رجل أو امرأة برج ما؟ مثلًا أن يقول: مولود البرج الفلاني عقلاني وهكذا. وهذا بعد دراسة علمية يجمع فيها أشخاص من البرج الواحد لدراسة صفاتهم المشتركة، بعيدًا عن دراسة الطَّالع والحظِّ وما شابه ذلك. مع العلم بأن هذه الدراسات تُساعد في فهم نفسيات الغير وخاصة في مجال الطبِّ النفسي. بارك الله فيكم وجزاكم عنا كل خير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا ينبغي التحيُّل لتسويغِ التعامل مع الأبراج من أبواب خلفية.
فالأبراج لا تملك ضرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا ولم يجعلها الله محلًّا للسعادة ولا للشقاوة، ولا سببًا فيهما بل هي جزء من مخلوقات الله لا تملك من دونه صرفًا ولا تحويلًا، ولا علم لها ولا علاقة لها بما كان أو بما سيكون، ولا اطلاع لها على شيء من الغيب، فلا يُنظر في الأبراج التَّنبؤية، ولا في المسائل المتعلقة بصفات أصحاب الأبراج سدًّا للذريعة وحماية لجناب التوحيد.
وكون الإنسان وُلد في ذلك البرج أو في ذلك النجم لا دلالة له على شيء، ودعوى ظهور دراسات في هذا الجانب لا يعني صحة هذه الدعاوى، فمنها ما يكون مجرَّد دراسة نظرية بحتة، ومنها ما تكون نتائجه ظنيَّة أو تقريبية ولا تنطبق على جميع الأشخاص أو الفئات.
وأدعوك إلى التأمل في قول قتادة رحمه الله تعالى: «إن اللهَ تبارك وتعالى خلق هذه النجوم لثلاث خصال: جعلها زينة السماء، وجعلها يُهتدى بها، وجعلها رجومًا للشياطين، فمن تأوَّل فيها غير ذلك فقد قال برأيه، وأخطأ حظه، وأضاع نصيبه، وتكلَّف ما لا علم له به، وإن ناسًا جهلة بأمر الله تعالى قد أحدثوا في هذه النجوم كهانة مَنْ وُلد بنجم كذا وكذا كان كذا وكذا، ولعمري ما من نجم إلا يُولد به القصير والطويل والأحمر والأبيض والحسن والدميم، وما عَلِم هذا النجم وهذه الدابة وهذا الطير شيئًا من الغيب. ولعمري لو أن أحدًا علم الغيب لعلم آدم الذي خلقه الله بيده، وأسجد له ملائكته، وعلَّمه أسماء كل شيء، وأسكنه الجنة يأكل منها رغدًا حيث شاء، ونُهيَ عن شجرة واحدة، فلم يزل به البلاء حتى وقع بما نهي عنه، ولو كان أحد يعلم الغيب لعلم الجنُّ حيث مات سليمانَ بن داود عليهما السلام، فلبثتْ تعمل حولًا في أشد العذاب، وأشد الهوان، لا يشعرون بموته، فما دلَّهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته، أي تأكل عصاه، فلما خرَّ تبينت الجنُّ أن لو كانت الجن تعلم الغيب ما لبثوا في العذاب المهين، وكانت الجن تقول مثل ذلك: إنها كانت تعلم الغيب، وتعلم ما في غد، فابتلاهم الله عز وجل بذلك، وجعل موت نبي الله عليه الصلاة والسلام للجن عظة، وللناس عبرة»(1). والله تعالى أعلى وأعلم.
_____________
(1) أخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في «العظمة» (4/1226).