ما الفرقُ بين الشورى والديموقراطية؟ وأيهما أولى بالاتِّباع؟ وهل يُوجَد كتبٌ تفيدني في هذا الموضوع؟ وجزاك الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الشورى من عزائمِ الأحكام في الشريعة، وقد تَنَزَّل باسمها سورةٌ كاملةٌ في كتاب الله عز وجل .
والفرقُ بينها وبين الديموقراطية: أن الشورى لا تكون إلا في المباحات أو في منطقة العفو التشريعي، أما ما قَطَعَت فيه النصوصُ فلا تملك الأمةُ تُجاهَه إلا التسليم والانقياد؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ولَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]، فلا يُعرَض على الشورى مثلًا: هل تكون صلاةُ الظهر أربعَ ركعات أم تكون خمسًا؟ هل نصوم شهر رمضان أم نستعيض عنه بصيام شوال مثلًا؟ هل نحرِّم الخمرَ أم نبيحها؟ هل نحرِّم الزنى أم نُجيزُه إذا كان عن تراضٍ وممن بلغوا السنَّ القانونية ولم يكن على فراش الزوجية؟
وقد قال البخاري في «صحيحه»: «وكانت الأئمة بعد النبيِّ صلى الله عليه سلم يستشيرون الأمناءَ من أهل العلم في الأمور المباحة؛ ليأخذوا بأسهلها، فإذا وضح النصُّ عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعدَّوْه إلى غيره»(1).
أما الديموقراطية: فهي تُطلِق سلطانَ الأمة؛ فلا تجعل له سقفًا، فالقانون هو التعبير عن إرادتها، وإذا تكلم القانون يجب أن يَصمُت الضمير! حتى قال أحد رجال القانون الدستوري: «لقد خرجنا من الحكم بالحق الإلهي للملوك إلى الحكم بالحق الإلهي للبرلمانات!».
إن الشريعة تُفرِّق بين مصدر النظام القانوني ومصدر السلطة السياسية، فالنظام القانوني مصدره الشرع، والسلطة السياسية مصدرها الأمة، بينما تجعل الديموقراطية الأمةَ مصدر كليهما، ويوجد على موقعي كتاب عنوانه: «التعددية السياسية»، فلو رجَعت إليه لأفادك في هذا الأمر إن شاء الله. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر البخاري في كتاب «الاعتصام بالكتاب والسنة» عقب باب «قول الله تعالى: ﴿وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ﴾».