متابعة: نصيحة لطالبان … تحرير مفهوم الجهاد وإعادة الاعتبار إليه

الجهاد ذروة سنام الإسلام، وقد جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ:

“دُلَّنِي علَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الجِهَادَ، قَالَ: لا أجِدُهُ، قَالَ: هلْ تَسْتَطِيعُ إذَا خَرَجَ المُجَاهِدُ أنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ ولَا تَفْتُرَ، وتَصُومَ ولَا تُفْطِرَ؟ قَالَ: ومَن يَسْتَطِيعُ ذلكَ؟! قَالَ أبو هُرَيْرَةَ: إنَّ فَرَسَ المُجَاهِدِ لَيَسْتَنُّ في طِوَلِهِ، فيُكْتَبُ له حَسَنَاتٍ”

 

❐ولكن هذه الشعيرة قد باتت سيئئة السمعة في واقعنا المعاصر!

بفعل بعض الممارسات الشاذة التي تقوم بها بعض جماعات الغلو أو تنسب إليها، والتوظيف المغرض والحاقد لهذه الممارسات من قبل الإعلام الظلوم، ومن ثم لزم تحرير القول في هذه الشعيرة وإعادة الاعتبار إليها.

 

❐الجهاد بذل الجهد نشرًا للدعوة، ومنعا للفتنة في الدين، ونصرة للمستضعفين، وقد يكون باللسان: بلاغاً عن الله ورسالاته، وقيامًا بحجته على عباده بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد يكون باليد: درءا الحرابة، وكفًا للعدوان الواقع أو المتوقع على جماعة المسلمين، ونصرة للمستضعفين، والجهاد من الأمور العظام التي تناط بالسلطان، ولا مدخل فيها لآحاد الأفراد أو التجمعات الدعوية، إلا ما تعلق بدفع الصائل، ولايصلح إلا عند تحقق القدرة وغلبة المصلحة.وفي عالم الفضاءات المفتوحة، واحترام الخصوصيات الدينية، وشيوع ثقافة حماية حقوق الإنسان، وتجريم الاضطهاد الديني ما أغني عن جهاد الطلب الذي ما شرع إلا لحماية الدعوة ومنع الفتنة في الدين، ونصرة المستضعفين.

 

❐ *ليس من الجهاد المشروع أعمال العنف التي تنتهك الحرمات، وتدمر مقدرات الشعوب، وتطال الأبرياء من المسلمين أو من غيرهم، سواء أكانت من الأفراد والجماعات، أم كانت من الحكومات، بل هو من المحرمات القطعية في الإسلام.

 

❐نبذ الإرهاب والتواصي بمقاومته

التأكيد على أن الإسلام دين العدل والتسامح، وأن المجاورة في الأوطان تنشئ لحمة اجتماعية وتعد رابطة للتعايش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، مهما تباينت عقائدهم، ويترتب عليها واجبات وحقوق متبادلة، وتجعل أصل حرمة الدماء والأموال والأعراض والمرافق العامة مشتركًا بين الجميع، ولا مساس بشيء من ذلك إلا وفق ما تحدده القوانين والنظم السارية.

 

❐ الإرهاب من المنظور الإسلامي هو العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيًا على الإنسان في دينه، أو نفسه أو عقله، أو ماله، أو عرضه، وهو بهذا المعنى محرم قطعاً في الإسلام.

 

▪︎ ومنه ما يكون أقرب لجرائم الحرابة التي رصدت لها الشريعة أغلظ العقوبات، وهو في واقعنا المعاصر مصطلح مجمل، يعرف بتعريفات مختلفة حسب رغبة صاحب التعريف.

 

·❐إدانة الإرهاب بكل صوره، وإعلان البراءة منه، وعدم تسويغه بأي حال من الأحوال أيا كان المتلبس به، والدعوة إلى التكاتف لمقاومته حيثما وقع، ومن أي جهة صدر، وإلى أي ملة انتسب.

 

▪︎وهذا لا يعني إقرار غيره من المظالم، كالحروب الجائرة، والقمع والاستبداد، ولكن ينبغي التأكيد على أن هذه المظالم لا يسوغ بعضها بعضًا، والتفريق بينه وبين حق الدفاع المشروع.

 

❐التأكيد على أن الأصل في النفوس البشرية العصمة، وأن الاعتداء عليها من أبشع الجرائم التي تستوجب الملاحقة القضائية، وتوقيع أقصى العقوبات الجنائية، فضلاً عما ينتظر أصحابها من عقوبات يوم القيامة، وأن الفلسفات التي تسوغ مثل هذه الجرائم تصادم جوهر الشرائع السماوية والمواثيق الأرضية، فهي عدوان على الدين والدنيا معاً، وإن توارت خلف قناع زائف من دعاوى الشرعية الدينية أو السياسية .

 

❐التاكيد على ضرورة معالجة الأسباب التي أدت – وما تزال – لشيوع ظاهرة الإرهاب واتساع رقعتها، من استبداد الدولة، وتجفيف منابع التدين، واضطهاد العلماء المخلصين، والأعمال الإجرامية التي تمارسها الجماعات الطائفية الحاقدة، والحروب الجائرة، والنهب المنظم لثروات الشعوب ومقدراتها، ومنها الخطاب المنتج للكراهية بالمبالغة في تبرئة الذات ونقد الآخر وشيطنته.

·

❐التأكيد على أن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي في الحرب على الإرهاب، بل ينبغي أن تكون على مختلف الأصعدة، وأن تجيش لها كل الجهود الفكرية والإعلامية والأمنية، وأن يكون ذلك كله بنزاهة وعدل وصدق وموضوعية، فإن المعالجة المتحيزة لهذه القضايا لا تزيدها إلا ضراوة، ولا تزيد نارها إلأ توهجا وانتشارا!

 

❐التأكيد على أن قضايا الإرهاب حول العالم متشابكة، سواء أكان إرهاب الدول أم إرهاب التنظيمات أم إرهاب الأفراد، لا يمكن التعامل مع بعضها بمعزل عن بقيتها، ولكي ننجح في القضاء على الإرهاب ينبغي التعامل مع تجلياته المختلفة بتوازن، وعدل وموضوعية، بعيدا عن تدخل الأهواء السياسية أو الدينية.

 

❐استفاضة البلاغ بالوسطية الإسلامية، وإدانة مفاهيم الغلو، والنصح لأصحابها، والتنبيه على خطر الغلو في التكفير، والرد على شبهات دعاته، و ومن ثبت توجهه لعمل إرهابي بصورة يقينية، ولم تنجح الحجة في حمله على العدول عن باطله، فلا يحل إيواؤه أو التستر عليه، فقد لعن الله من أوى محدثًا، بل يحال أمره إلى الجهات الرسمية المعنية بمنع ذلك، والضرب على أيدي أصحابه.

 

والتأكيد على أن العقوبات الشرعية – ومنها الحدود – يناط تنفيذها بالولاة الشرعيين، ولا مدخل فيها لآحاد الناس أو الهيئات أو التجمعات، والاشتغال بالدعوة والبيان بدلًا من الاشتغال بتصنيف الناس، لأن هذا من أقوى السبل العملية للوقاية من الغلو في الدين.

 

❐التواصي بالمحافظة على الأمن الداخلي، وصيانة الحرمات الإنسانية

المحافظة على الأمن الداخلي للوطن، وصيانة الحرمات الإنسانية لجميع المواطنين، والتعاون على منع المساس بها، أيا كانت هوية الجهة التي تكون مصدرًا لهذا الإخلال، شعبية كانت أم حكومية، مع التأكيد على تجريم المشاركة في مداهمات قمعية ظالمة على مستوى العلاقات الداخلية، تنتهك فيها هذه الحرمات، ولا يصلح أن يعتذر عن ذلك بإكراه، فإن الإكراه على القتل لا يحله، ولا يصلح عذرًا مانعًا من المسئولية عنه، سواء أكانت مسئولية دنيوية أم كانت مسئولية أخروية.

 

❐التواصي بالمحافظة على الأمن الخارجي للوطن وسلامة أراضيه

المشاركة في دفع الصيال على الوطن ودرء الحرابة عنه، والتواصي بدعم المواقف العادلة للدولة، وبذل النصح لها في مواقفها الأخرى التي حادت فيها عن الحق والعدل، مع التأكيد على عدم مشروعية المشاركة في حروب ظالمة على مستوى العلاقات الخارجية، كما لا تحل المشاركة في مداهمات قمعية ظالمة على مستوى العلاقات الداخلية، فإن الظلم قبيح في جميع الملل، ولم يحل في شريعة قط.

تاريخ النشر : 04 نوفمبر, 2021
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend