في القصاص: في قتل النفس: مائة من الإبل في حالة القتل العمد. وفي الجروح السِّنُّ «الضِّرْس»: خمسٌ من الإبل.
وخطر سؤال في بالي: أنه إذا خسر الإنسان معظم أسنانه في مشاجرة مثلًا، تكون خمس في اثنين وثلاثين يكون الناتج مائة وستين من الإبل، ويكون بذلك فاق قتل النفس. فأريد تفسيرًا وتوضيحًا لهذه المسألة الفقهية؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن هذه المسألة من مسائل النظر بين أهل العلم: فمنهم من ذهب إلى أنه وإن كان في كلِّ سِنٍّ خمسٌ من الإبل كما جاء في الحديث: «وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ»(1)، إلا أن المجموع لا ينبغي أن يزيد عن مائة من الإبل، فجعل في الأسنان في كل سِنٍّ خمسًا، وفي الأضراس في كلِّ ضرس اثنان.
ولما كان مجموع الأسنان عشرين، فيُصبح الواجب فيها ستين من الإبل. ولما كانت الأضراس عشرًا، فيصبح الواجب فيها أربعين. وبهذا يصير المجموع مائة من الإبل.
ومنهم من أطلق أن الواجب في الأسنان في كلِّ سنٍّ خمسٌ، ولم يفرق بين السن والضرس، فبلغ بدِيَة الأسنان مائةً وستين عملًا بإطلاق الحديث، فهي من مسائل النظر والاجتهاد. والله تعالى أعلى وأعلم.
_________________
(1) أخرجه مالك في «موطئه» (2/ 849) حديث (1547)، والنسائي في كتاب «القسامة» باب «ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول» حديث (4857)، والدارمي في كتاب «الديات» باب «في دية الأسنان» حديث (2375)، وابن حبان في «صحيحه» (14/ 508) حديث (6559)، والحاكم في «مستدركه» (1/ 553) حديث (1447)، من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده رضي الله عنه ، وقال الحاكم: «هذا حديث كبير مفسر في هذا الباب يشهد له أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز»، وضعفه الألباني في «ضعيف سنن النسائي» (4853).