حول دية المقتول وإخراجها عن القاتل من الزكاة عند عجزه

رجل صدم آخر بسيارته فمات: والسؤال:
أ. طلب أهلُ المقتول الديةَ، فما مقدارها مالًا؟
ب. القاتل عاجز عن دفع الدية، فهل يجوز مساعدته من زكاة المال؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الديةَ شرعًا هي المال الواجب بجناية على الحر في نفسٍ أو فيما دونها، وقد اختلف أهلُ العلم في الأصل في تقديرها: هل الأصل في ذلك الإبل خاصة ولا ينتقل إلى غيرها إلا عند الإعواز أو التراضي، أم أن كلًّا من الإبل والبقر والغنم والذهب والفضة أصول في تقديرها؟ أم أن الأصل فيها الإبل والذهب والفضة خاصة؟ وهذا الأخير هو الأشبه بالنصوص، وهو مذهب مالك(1) وأبي حنيفة(2)، وعليه الفتوى لدى كثير من علماء العصر؛ فقد ذكر الشعبي عن عبيدة السلماني: أن عمر بن الخطاب  لما دون الدواوين جعل الدية على أهل الإبل مائةً من الإبل، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الوَرِق عشرة آلاف درهم(3).
وقضاؤه ذلك كان بمحضرٍ من الصحابة، ولم يُنكر عليه أحدٌ، فحل محلَّ الإجماع منهم، ومقدارها في الإبل مائة، وفي الذهب ألف دينار، وفي الفضة اثنا عشر ألف درهم، ولما كان الناسُ اليوم لا يتعاملون في أغلب الحواضر بالإبل، وأصبح التعاملُ بالنقود هو الأصل؛ فإن الديةَ تُقدَّر بالذهب، وهي تساوي أربعة كيلو جرام وربعًا من الذهب، فيُنظر إلى قيمتها بعملة البلد وتسوى الأمور على أساسها.
والأصل فيها أنها على عاقلة القتيل، وقد تقوم النقابة اليوم إن وجدت مقام العاقلة، فإن لم يتيسر هذا ولا ذاك فعلى القاتل نفسه، وله أن يستعين عليها بأموال الزكاة. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) جاء في «المدونة» (4/566-567): «قال مالك: ليس يؤخذ في الدية إلا الإبل والدنانير والدراهم».

(2) جاء في «المبسوط» (26/75-76): «والكلام هاهنا في فصول: أحدها: أنه لا خلاف أن الدية من الإبل مائة على ما قال رسول الله عليه السلام: في النفس المؤمنة مائة من الإبل. واختلفوا في أن الدراهم والدنانير في الدية أصل أم باعتبار قيمة الإبل، فالمذهب عندنا أنهما أصل».
وجاء في «بدائع الصنائع» (7/253-255): «( وأما ) بيان ما تجب فيه الدية فقد اختلف أصحابنا فيه ، قال أبو حنيفة رحمه الله : الذي تجب منه الدية وتقضى منه ثلاثة أجناس : الإبل والذهب والفضة».

(3) أخرجه مالك في «موطئه» (2/850) حديث (1548) بلاغًا، وأخرجه أبو داود في كتاب «الديات» باب «الدية كم هي؟» حديث (4542) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وحسنه الألباني في «مشكاة المصابيح» حديث (3498).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   14 الديات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend