حول صحة صلاة التسابيح وتخصيصها بليلة الجمعة

أنا أحدُ طلاب أكاديمية الشريعة سابقًا مشكاة حاليًا، فرع ديترويت، تعيش والدتي معي وهي امرأة تحبُّ التزود بالطاعات فكانت في كل يوم خميس ليلة الجمعة تصلي صلاة التسابيح، فلم أُنكِر عليها ذلك ولكني قلت لها وفي ضوء ما تعلمنا على يد مشايخنا أمثالك يا شيخ: أنَّ الحديث الذي ورد فيه ذِكرُ صلاة التسابيح أنه حديث ضعيف، فهي الآن لم تعُد تصلي هذه الصلاة، ولكن لا تزال تسألني كلما كانت لدينا دورة في الجامعة، هل سألت لي الشيخ عن صلاة التسابيح، وسؤالها المتكرر لي ناتج عن وعدٍ وعدتها أنني عندما ألتقي فضيلتكم سأسألكم لكي توضحوا لها.
فأفيدونا جزاكم الله خيرَ الجزاء، سائلًا المولى عز وجل أن يُديم عليكم ثوب الصحة والعافية وينفع بعلمكم الأمة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد اختلف أهلُ العلم بالحديث في حديث صلاة التسابيح، فمنهم من ضعَّفه لأنه شاذٌّ ومنكر المتن، ومخالف للأحاديث الصحيحة المعروفة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في صلاة النافلة، الصلاة التي شرعها الله لعباده في ركوعها وسجودها وغير ذلك، بل قال عنه الإمام ابن الجوزي: «إنه من الموضوعات»(1).
وفي المقابل فقد صحَّح صلاةَ التسابيح الإمامُ مسلم بن الحجاج، وألَّف في تصحيحها ابنُ ناصر الدين كتابه «الترجيح في صلاة التسابيح»، فجَمَع جميعَ طرُقِ صلاة التسابيح. وكان الشيخ الألباني رحمه الله يحسن صلاة التسابيح.
وبناءً على الخلاف في تصحيح الحديث الوارد في ذلك كان الخلافُ في صلاة التسابيح، فمن صحَّح الحديث أو حسَّنه قبل بها، ومن ضعَّفه أو حكم بوضعِه أنكرها وقال ببدعيَّتِها.
والذي أراه لأُمِّك- سلمها الله- أنه ما دام عندها رغبةٌ في الخير وحرص على العبادة، أن تأخذ بالصلوات المشروعة الثابتة بأدلة صحيحة كالتهجُّد في الليل، والوتر والمحافظة على الرواتب مع الفرائض، وصلاة الضحى، وأن تُكثر من النوافل المشروعة الثابتة بأدلة صحيحة؛ فإن العمل إذا تردَّد بين كونه سنةً وكونه بدعةً كان تركُه أولى. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________

(1) «الموضوعات» (2/65).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الصلاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend