اطلعنا على مؤلفات شيعية فيها مفاهيم خطيرة، واطلعنا على ما تم تأليفه من قبل علمائنا في هذا النحو، ولكن أريد أن أعرف ما هو مبرر من ينادون بالتقريب؟ ألم يطالعوا هذه المؤلفات؟! ولماذا هذه المواقف من أعلام مثل الدكتور العوَّا والدكتور القرضاوي مما يكون سببًا في تغرير العوام؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
الدعوة إلى التقريب تعبير مجمل: إن قصد بها التقريب في الإطار السياسي وفي إطار المصالح المشتركة للفريقين فهي دعوة مقبولة، بل لابد منها حقنًا للدماء وتأمينًا للسابلة وتمكينًا للناس من أن يتقلبوا في أسفارهم وفي أوطانهم آمنين، بل هي أساس الأمن وعمارة البلدان، وهو إطار قابل بطبيعته للمداراة والتسامح بل والتنازل عن بعض الحقوق إن لزم الأمر، ويجب أن يتداعى عقلاء الفريقين إلى ذلك لاسيما مع ما نشاهده في واقعنا المعاصر من ويلات وفجائع.
أما إذا قصد بها التقريب في الإطار العقدي فيجب أن يكون المقصود منها بيان الحق وإقامة الحجة به والرد على شبهات مخالفه بما يقتضيه المقام من الرفق واللين، وبما أرشدت إليه النصوص من الحكمة والموعظة الحسنة، ولا يجوز أن يكون مقصوده بحال إقرارَ باطل أو تسويغ منكر من القول أو من العمل.
إذا اعتصم المحاورون والداعون إلى التقريب بهذا المبدأ فلا خطر منه ولا تثريب على دعاته، ولا ينبغي أن يَمَلَّ حملة الحق من الدعوة إلى حقهم والإلحاح في عرضه وتأليف القلوب على قبوله.
هذا الذي نراه في قضية التقريب، ويظهر أن الخلل يكمن في الخلط بين الإطارين السياسي والعقدي، وإحلال آليات أحدهما ومقاصده في موضع الآخر، أما إذا تحقق التمييز بين الإطارين على النحو الذي سلف فقد زال الالتباس وتحقق الجمع بين المصالح بلا غلو ولا شطط. والله تعالى أعلى وأعلم.