ما حكم زيارة الأهرامات وأبي الهول والمعابد الأثرية؟ وجزاكم الله خيرًا. برجاء الإجابة نظرًا لأهمية الأمر.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا بأس بزيارة هذه الآثار المذكورة إذا كان ذلك لقصد الاعتبار أو النزهة، ولم يكون لقصد التعظيم، أو التبرك، أو تحري الصلاة هناك، أو اعتقاد إجابة الدعوة، فإذا وصل إلى بلدٍ فيها شيء من الآثار القديمة جاز له الوقوف عليها؛ لعموم قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ [يوسف: 109].
ويُستثنى من ذلك أماكن العذاب التي وقع فيها الخسف أو المسخ أو الإهلاك لأهلها بذنوبهم، فلا يجوز اتخاذ هذه الأماكن للسياحة والاستجمام؛ لأن النبي ﷺ لما مرَّ بالحِجر وهي منازل ثمود قال: «لَا تَدْخلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ» ثم قَنَّعَ رأسه وأسرع السير حتى أجاز الوادي(1).
قال ابن القيم : في أثناء ذكره للفوائد والأحكام المستنبطة من غزوة تبوك: «ومنها: أن من مرَّ بديار المغضوب عليهم والمعذبين لا ينبغي له أن يدخلها، ولا يقيم بها، بل يسرع السير، ويتقنَّع بثوبه حتى يُجاوزها، ولا يدخل عليهم إلا باكيًا معتبرًا، ومن هذا إسراع النبي ﷺ السيرَ في وادي مُحسِّر بين مِنًى ومزدلفة، فإنه المكان الذي أهلك اللهُ فيه الفيل وأصحابه»(2).
وقال الحافظ ابن حجر : في شرحه الحديث السابق: «وهذا يتناول مساكن ثمود وغيرهم ممن هو كصفتهم، وإن كان السبب ورد فيهم»(3). والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «المغازي» باب «نزول النبي ﷺ الحجر» حديث (4419)، ومسلم في كتاب «الزهد والرقائق» باب «لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم إلا أن تكونوا باكين» حديث (2980)، من حديث ابن عمر ب.
(2) «زاد المعاد» (3/560).
(3) «فتح الباري» (6/380).