أحد المشتغلين بالدعوة في بلادنا- وأثناء لومه على أحد زملائه الذي لم يلتزم بالبرنامج العام للجماعة- قال: إن الدِّين لا يحتاج إلى أحدٍ ولا حتَّى إلى رسول الله . ونتيجة لذلك فقد وقع تكفيره من طرف أحد العلماء لأنَّه استنقص من رسول الله . ويقول هذا العالم إنَّه يكفر كفرًا لا توبةَ فيه قصد أو لم يقصد الاستنقاص من رسول الله ، وهو يرتكز في دعواه هذه على كتاب «الشفاء» للقاضي عِياض. وذهب هذا العالم أيضًا إلى تكفير مَن قال إن الرَّجل ربَّما لم يقصد الاستنقاص وذلك لأنَّ مَن شكَّ في كفر الكافر فهو كافر. وقد أمر هذا العالم مَن وافقه في فتواه إلى مقاطعة كلِّ مَن أراد أن يجدَ للرَّجل مخرجًا وذلك لأنَّهم رضوا الاستنقاص من رسول الله ، الرجاء من معاليكم أن تفتونا في هذا الأمر، مع تبيين المراد من كلام القاضي عِياض إن أمكن، راجين منَ الله أن يجعلكم سببًا في إعادة الألفة بين المسلمين في بلدنا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن ما صدر من هذا المشتغل بالدعوة سقطة كبرى ما كان لمثله أن يقع فيها! أسأل الله جلَّ وعلا أن يمن عليه بالتوبة الصادقة، والمتبادر منَ السياق أن الذي حمله على ذلك هو النَّزَق(1) والغضب والانتصار للنفس في معرض مجادلة وخصومة، وليس القصد إلى تنقص النبي صلى الله عليه وسلم ، فعليه أن يبادر إلى التوبة الصادقة، وعلى مَن حوله أن يعينوه على ذلك ولا يعينوا الشيطان عليه، وقضية تكفير من لم يكفر الكافر إنما تكون في القضايا المجمع عليها، التي لم يختلف عليها ولم يختلف فيها، كتكفير اليهود والنصارى، أو تكفير من قصد إلى سب النبي صلى الله عليه وسلم وتنقصه، وليست هذه واحدة منها، والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النزق: خفة في كل أمر وعجلة في جهل وحمق.