حياكم الله، أنقذوا إسلامنا من التلوث بجرثومة تقارب الأديان، ومن غيركم بعد الله يا علماءنا وشيوخنا ودعاتنا، فالله الله في قولكم الحق وغيرتكم لدينكم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
1- «الإنترفيث» أو اللقاءات مع ممثلي الديانات المختلفة تعبير مجمل، يطلق على عدة معان، منها ما هو مشروع، ومنها ما هو ممنوع.
2- فإن قصد به الدعوة إلى الله تعالى والقيام بحجته على عباده وبيان الحق للمسترشدين ودفع صيال المعاندين والمعتدين، فذلك سعي مشكور وعمل صالح مبرور.
3- وإن قصد به مجرد التعريف بالحق في أمم تجهله وأوساط تنكره إزالة للوحشة من قلوبهم وكسرًا لحاجز النفرة من نفوسهم، ثم يقررون لأنفسهم بعد ذلك ما يريدون فذلك في ذاته من السعي المشكور والعمل المبرور.
4- وإن قصد به السعي لإيجاد تعايش آمن بين أصحاب الديانات المختلفة تحقن به الدماء وتسكن به الثائرة ويتمكن الناس معه من التقلب في أسفارهم آمنين، ويتمكن معه حملة الحق من تبليغ رسالتهم والإعذار إلى مخالفيهم بعيدًا عن أجواء التوتر والشحناء والخصومات، فهذا مقصود مشروع وغاية محمودة.
5- وإن قصد به التوصل إلى صيغة لتحقيق المصالح الحياتية المشتركة بين البشر، لاسيما بين من ينتمون إلى إقليم واحد أو تجمعهم روابط مشتركة تمس الحاجة معها إلى مثل هذا التعاون، فلا حرج في ذلك ولا تثريب على أصحابه، فقد جعل الله الأرض مشتركًا بين عباده جميعًا: برهم وفاجرهم مسلمهم وكافرهم صالحهم وطالحهم، فقال تعالى: ﴿وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ﴾[الرحمن: 10]، وقال تعالى: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾[الإسراء: 20]، وهذا هو أساس عمارة البلدان واستتباب العمران.
6- أما إن قصد به الدمج بين الأديان، والخلط بين الملل، والسعي إلى إيجاد إطار عقدي مشترك يمسخ خصوصياتها العقدية، وقد يبلغ الأمر مبلغ طباعة القرآن مع غيره من الكتب الدينية الأخرى في غلاف واحد، فذلك عدوان على الملل جميعًا، بل هو الغش الديني والثقافي الذي يتجاوز في خطره وضرره الغش التجاري الذي تجرمه النظم والقوانين في مختلف الثقافات والحضارات. والله تعالى أعلى وأعلم.