الاحتجاج بالقدر لتسويغ الاستمرار في الذنوب

أحب الله وأحب الرَّسول الكريم محمد ﷺ، ولكنني عاصٍ؛ لأنني لا أواظب على الصلاة على الرغم من أنني أخاصم أولادي إن تأخروا عن أدائها في وقتها، وإنني دائمًا في حيرة مع نفسي وأسألها كثيرًا: كيف تحب الله ولا تواظب على أداء فرائضه؟! علمًا بأنني أبكي خوفًا من الله. وأتساءل هل الله لا يريدني؟! أم أنه كتب علي هذا؟! مع علمي أن اللهَ ليس بظلام للعبيد.
أفيدوني جزاكم الله خيرًا ماذا أفعل حتى أرضى عن نفسي ويرضى عني الله؟ كما أطلب منكم الدُّعاء لي.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فليس أمامك إلا طريق واحد، وهو أداء الصَّلاة والقيام بما افترضه الله عليك! والاحتجاج بالقَدَرِ من تلبيسات إبليس عليك، فإن القدر يتعزى به عند وقوع المصائب، ولكن لا يحتج به لتسويغ الذنوب والمعايب، إن الاحتجاج بالقدر لتسويغ القبائح هو حجة المشركين الأوائل الذين كان يقولون: لو شاء الله ما أشركنا، وهي كلمة حق ولكن يراد بها باطل، فإنه لا يصلح الاحتجاج بالقدر لتسويغ الاستمرار في الذنوب، فذلك محض الكذب على الله عز وجل ! قال تعالى في سورة «النحل»: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ [النحل: 35]، وقال تعالى في سورة «الأنعام»: ﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾ [الأنعام: 148].
فبادر إلى التَّوْبة، وأدرك نفسك قبل أن يخرج الأمر من يدك بالموت، فتقول: يا ليتني قدمت لحياتي(1)! أو تقول: يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله(2).
أسأل الله أن يردك إليه ردًّا جميلًا، وأن ينصرك على نفسك الأمارة بالسوء. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) قال تعالى: ﴿وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى *  يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: 23- 24].
(2) قال تعالى: ﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ *  أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾ [الزمر: 55- 56].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 الإيمان بالقضاء والقدر.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend