القضاء وإرادة الإنسان

أنا طالبة في الصف الثَّاني كلية الهندسة المعمارية، وقد كانت درجاتي تؤهلني للالتحاق بكلية طب الأسنان، ولكن شعرت أن رغبتي في هذا المكان، وقد صلَّيت الاستخارة وبعد أسبوع تقريبًا رأيت رؤيا في المنام شجَّعتني نحو الالتحاق بهذا القسم. فدخلتُ كلية الهندسة، ولكن رأيت أن لها متطلباتٍ أكثر من الدِّراسة، كموهبة الرسم والسرعة في الإنجاز، ولكنني نجحت. وفي السنة الثَّانية واجهتُ صعوبةً كبيرة وشعرت حقًّا أنني في المكان الخاطئ، والآن أود معرفة هل إصراري على دخول هذا القسم هو بتوجيه من الله {#emotions_dlg.azz}؟ أم أنه من إرادتي؟ أم هو ابتلاءٌ؟ ولكم جزيل الشكر والامتنان.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فإن للعبد مشيئةً قطعًا، ولكنها لا تخرج عن مشيئة الله ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [الإنسان: 30]، فلا تُدخلي نفسَكِ في الجدل الفلسفيِّ حول القدر. المهم أن العبدَ إذا توجَّه إلى شيءٍ ثم استخار ربَّه عليه فيسَّره له ومضى فيه فلا يحزن على ما أصابه بعد ذلك، فقد استفرغ وُسعَه وبذل جهده، فعليه أن يسعى وليس عليه إدراكُ المقاصد، فإن لم يحالفه التَّوفيق في هذا الطَّريق فليؤمن أن ما أصابه من ذلك خيرٌ، وأنه من جنس ما يُكفِّر الله به الخطايا ويرفع به الدرجات. فليعاود التَّفكير مرةً أخرى ثم الاستخارة ثم يمضي إلى ما ييسَّر له.
و«عَجَبًا لِأَمْرِ الْـمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»(1). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه مسلم في كتاب «الزهد والرقائق» باب «المؤمن أمره كله خير» حديث (2999) من حديث صهيب بن سنان رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 الإيمان بالقضاء والقدر.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend