تربية الأولاد في المجتمع الغربي

أعيش في هذه البلاد منذ أكثر من عشر سنين، ولله الحمد وفقني ربي أن التزم أكثر وأفهم ديني أكثر في هذه المدة وأتمسك بشعائره، تزوجت من ثلاث سنوات من شخص حبه للإسلام أكثر مني وتمسكه به، رزقنا الله بولد عمره الآن سنة ونصف. نخاف جدًّا أن نخسر ابننا في هذا المجتمع، وندعو الله أن يوفِّقَنا لتربيته كما يحب ويرضى، وأدعوه باستمرار أن يجعلني مربية وراعية في بيتي وعلى أولادي وأن يوفقني في هذه المسئولية. فهل ممكن أن تعطوني بعض النصائح لأضعها أمامي عند تربية ابني وإخوته في المستقبل؟
علمًا بأني أنا وزوجي ننوي أن نترك هذه البلاد قبل أن يبلغ ابننا عُمرَ المدرسة لأننا نشعر أن هذا العمر حساس ووقتها سيكون تأثير المدرسة والمجتمع أكثر.
لكن سيصعب علينا العودةُ لبلادنا الأصلية؛ لما فيه من محاربة الإسلام والمسلمين هناك، فأتمنى أن تفيدوني ببعض النصائح، ومع أنه لدي كتب- ولله الفضل- تربوية إسلامية أحاول أن أقرأ فيها لأكتسب خبرة أكثر.
وكان لدي بعض العادات السيئة، ووفقني ربي لأن أترك بعضها مثل:الاستماع للموسيقى. وبعض العادات السيئة الأخرى التي أحاول أن أتركها مثل الإسراف في المباحات أو التلفاز، مع أني لا أتفرج على ما يغضب الله، لكني أفكر لو وجد ابني أمه منشغلة أغلب الوقت أمام التلفاز، ولو كانت برامج علمية أو ثقافية أو أحيانًا مسلسلات، فكيف سأستطيع نصحه هو؟
وزوجي مثلي- ولله الحمد- مع أنه لديه بعض الأشياء المتبقية من الجاهلية، لكن- ولله الفضل- هو أيضًا مقتنع بأننا يجب أن نكون أفضل قدوة لكي نستيطع تربية أولادنا.
ولي سؤال: اللغة العربية هي لغتنا الثانية، أي أن لغتي الأولى لغة أخرى أعجمية. ونحن الآن نعيش في دولة أوربية؛ فالمجتمع يتكلم بلغة أخرى. وأنا وزوجي نحاول أن نعوده على اللغة العربية، لكي يسهل عليه حفظ القران الكريم، أو لكي يفهم اللغة العربية عند اختلاطنا بالإخوة العرب. فلا أعرف ما أنسب طريقة له وهو في هذا العمر؟
مثلًا، يكلمه زوجي بلغته، وأنا أكلمه باللغة العربية، وكل كلمة أقولها له باللغتين، وأكرر الكلمة أكثر من مرة. فهل من نصيحة أخرى تفيدوني بها في هذا المجال؟ جزاكم الله عنا كلَّ خير.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فجزاكم الله خيرًا على اهتمامكم بدينكم وبوليدكم، وإنني على يقين أن الله جل وعلا لن يخيب رجاءكم، فهو جل وعلا عند ظن عبده به، ومن رحمته أنه لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
بداية لابد أن تحرصي على تعلُّم دينك، ولو بالانتظام في مؤسسة تعليمية إسلامية من خلال النت إذا لم يتيسر التعليم المباشر، نظرًا لظروف الإقامة في الغرب؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، وإذا أردت أن تعلمي ابنك الإسلام فلابد أن تكوني على معرفة مناسبة به.
ومن ناحية أخرى أرجو أن تحرصي على القدوة؛ فإن الولد يتأثر بالقدوة أكثر من تأثره بالأقوال، وكانوا يقولون: إن حال واحد في ألف واحد خير من مقالة ألف واحد في واحد!
ومن ناحية ثالثة اجعلي لولدك من وقتك النصيب الأوفى، ولا تشتغلي عنه ما استطعت بارتباطات اجتماعية أو حتى اقتصادية؛ لأن اليتيم الحقيقي إنما يكون من تشاغل عنه أبواه، وليس فيمن خلفه أبوه وارتحل إلى جوار ربه!
وقبل هذا كله وبعد هذا كله الزمي الدعاء والضراعة إلى الله جل وعلا أن يلهمك الرشد، وأن يعينك على هذه المسئولية، وأن يثيبك عليها، والله من وراء القصد. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   13 مسائل الأقليات المسلمة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend