مدى شرعية تولِّي الأحزاب العلمانية رئاسة الحكم في البلاد

أخي في الله، أسأل عن مدى شرعية تولِّي الأحزاب العلمانية رئاسة الحكم في البلاد؟
علمًا بأنهم يحكمون بدستور لغير الله، ويوالون اليهود والنصارى وهم أذنابهم، وتسميتهم بالعلمانية كافية في الحكم عليهم؟
فهل يجوز أن نسميهم أولياء الأمور الشرعيين الذين لا يجوز الخروج عليهم وسمعهم وطاعتهم… إلخ؟
علمًا بأن هناك فكرًا ينتشر بين الشباب يدعو إلى ذلك الرأي ويدافع عنه. وما هو الدليل الشرعي؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأحزاب العلمانية التي تنتحل الفصل بين الدين والدولة، وتكفر بمرجعية الشريعة في علاقة الدين بالحياة، وتوالي وتعادي على ذلك- لا تنعقد لها ولاية شرعية على الأمة؛ فإن العلمانية بهذا المعنى والإيمان نقيضان، فهي انقلاب على الإسلام الذي يعنى مطلق التسليم والانقياد لله عز وجل ، وهي ثورة على النبوة؛ فإن الإيمان بالنبوة يقتضي تصديق الخبر والانقياد للشرع.
ولكن اعتقاد انعدام الشرعية عن الكيانات العلمانية لا يعني بالضرورة حتمية المنابذة الفورية؛ لأن المنابذة تحكمها ضوابط أخرى من تحقُّق القدرة وغلبة المصلحة، أما اعتقاد ذلك فأمرٌ محله القلوب، ولا سلطان على ما في القلوب إلا لعلام الغيوب.
ومن ناحيةٍ أخرى فإن مبنى الشريعة على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، ومن ثمَّ فإن في الشر خيارًا، وبعض الشر أهون من بعض، فإذا تزاحم شرَّان ولم يمكن دفعهما جميعًا دفعنا أعظمهما باحتمال أدناهما. وإذا ازدحمت مصلحتان ولم يمكن تحقيقهما جميعًا حققنا أعظمهما، ولو كان ذلك على حساب تفويت أدناهما.
ومن ثمَّ جازت المشاركة السياسية خارج ديار الإسلام لتحقيق خير الخيرين ودفع شر الشرين، ورجاء اختيار أقل المرشحين عداوةً للإسلام وأهله، وأقومهم بالمصالح الأساسية للجاليات الإسلامية المقيمة في هذه المجتمعات، فلَأَنْ تعيش في كنف علمانية ديمقراطية أقل سوءًا من أن تعيش في كنف علمانية قمعية، ولَأَنْ تعيش في كنف أبي طالب أقل سوءًا من أن تعيش في كنف أبي جهل وأبي لهب.
ومن ثمَّ أُمِر المسلمون بالهجرة إلى الحبشة ولم تكن دارَ إسلام، ولا كان القائم عليها يومئذ مسلمًا، وإنما لمجرد أن بها ملكًا لا يُظلَم عنده أحدٌ، فأرجو الانتباه إلى هذا المعنى، ولا تستهلك كثيرَ وقتٍ في المجادلة مع المخالف في هذه البدهيات، فسوف يبين الحقُّ يومًا لناظرٍ. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية, 07 الجهاد

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend