حول مجزرة المنصة

ما تعليقكم على فاجعة المنصَّة؟ وكيف ترى الموقف الآن بعد هذه المجزرة؟ وإلى أين تتجه البلاد؟ وبم تُوصي المتظاهرين قيادةً ومقودين؟

متابعة: جدولة المبادرة حول المخرج من الفتنة في الأزمة المصرية:مصر التي تعيش اليوم في دمي، وقد عشت فيها عمرًا من قبل، تحتَّم عليَّ السَّهرَ المتواصل في محاولة لبذل المتاح من عصارة الفكر والقلم، في محاولة للحيلولة دون حريقٍ كبير ينتظرها، وفتنة كبرى تتهددها من أقصاها إلى أقصاها، حسبةً لله تعالى، وابتغاءَ وجهه الكريم، فقد ينفع الله بكلمة من أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لا يؤبه له.سألتني نفسي: أتظنُّ أن كدحك في قضايا الشأن العام سيقرؤه أحد، أو ينتفع به أحد، أو يصل ابتداء إلى أحد، وأنت تخاطب قومك من بُعدٍ شاسع، ويبعدك عنهم آلاف الأميال، ولا تتسنم قمة من قمم العمل السياسي، ولا تكمن حتى في سفح من سفوحه؟!ووجدتني استدعي على الفور ما رُوي من قصة خليل الله إبراهيم، عندما أمر بأن يؤذن في الناس بالحج، فقال: ربي وما عسى أن يبلغ صوتي؟! فقال إنما عليك الأذان، وعلينا البلاغ. فوقف ممتثلًا لأمر ربه، وأذن: يا أيها الناس إن الله بنى لكم بيتًا فحجُّوه. فأجابه كل من كتب الله له الحج إلى قيام الساعة قائلًا: لبيك اللهم لبيك( ).لقد طرحت من قبل مبادرةً للخروج من الأزمة المصرية، وأنا لست- كما قال أحد المعلقين- لست متخصصًا في الشئون السياسية، ولكنني متخصص في السياسة الشرعية، وهي معروضة على أهل التخصص لتسديدها.والذي دعاني إلى تجديد القول فيها، ما دعا إليه الفريق السيسي إلى الاحتشاد غدًا لإعطائه تفويضًا بالقضاء على الإرهاب، وهو باعتباره القائم الفعليِّ على الأمر في مصر ليس محتاجًا إلى هذا التفويض، إن كان سيقف في حدود الدستور والقانون، والأعراف التي استقر عليها العالم المتحضر بصفة عامة، والمجتمع المصري بعد ثورته المجيدة في الخامس والعشرين من يناير بصفة خاصة. أما إن كان يريد تفويضًا مفتوحًا بالقتل واستباحة الدماء تحت غطاء من الشرعية الشعبية المزعومة، فتلك دعوة إلى الاحتراب الداخلي، وجعل المصريين شيعًا، يعدو بعضهم على بعض، وتجدد ذكرى الفرعون الذي علا في الأرض وجعل أهلها شيعًا، يستضعف طائفة منهم، يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم, وتلك خطيئة كبرى تعصف بمبدأِ المشروعية ومفهوم الدولة من الأساس.هذا فضلًا عن المفهوم الغامض والمطَّاط لكلمة مقاومة الإرهاب، وما تحمله ضمنًا من طلب التفويض للقيام بإجراءات استثنائية لقمع الخصوم والتنكيل بهم.والآن أُعيد النَّظَر في هذه المبادرة من حيث الجدولة والمرحلية مستفيدًا من مبادرات المتخصصين وجهودهم، وأقول:إن الفكرة الأساسية في المبادرة أننا نتجاوز باعتبارنا دولةً منطقَ الفوضى، والدعوةَ إلى الاحتشاد والاحتراب، إلى منطق الآليات الدستورية، والديموقراطية، والشورية، التي اصطلح عليها العالمُ المتحضر أجمعَ. قد أفهم أن تلجأَ المعارضة إلى الاحتشاد لأنه لا تملك سوى ذلك، أما أن تنافسها الدولة وتنبذها في ذلك، وقد جمعت في يدها كل مقومات القوة، فأمر لا يكاد ينقضي منه العجب! المرحلة الأولى: التهدئة، وتهيئة الأجواء للمصالحة الوطنية: وتتمثل فيما يلي: • الإيقاف الفوري للحملات الإعلامية المتبادلة بين القوى الوطنية.• بقاء التظاهر في أماكنه المركزية، وإيقاف المسيرات التي تجوب الشوارع، لما يتترب عليها من تعطيل المصالح العامة للمواطنين والتضييق عليهم.• الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين في هذه الأزمة الأخيرة، والإيقاف الفوري لحملات الاعتقالات والمداهمات.• إعادة القنوات الدينية التي أُغلقت، والاتفاق مع الجميع على ميثاق شرف يلتزم بالثوابت الدينية والخلقية والوطنية. • تشكيل لجنة تقصِّي الحقائق في المذبحة التي وقعت أمام الحرس الجمهوري وإعلان نتائجها بكل شفافية.• تمكين لجنة من المؤيدين للشرعية لزيارة الرئيس مرسي، للاطمئنان عليه، وطمأنة سائر محبيه.المرحلة الثانية: إعلان المبادئ وأسس المصالحة الوطنية.وتتمثل فيما يلي:• إعلاء المصلحة الوطنية والقوميَّة على المصالح الشخصية، والحزبية، والفئوية، والطائفية.• الالتزام بالشرعية، واستعادة المسار الديموقراطي وآلياته في حلِّ هذه الأزمة، وذلك بالرجوع إلى الاستفتاءات الحرَّة النزيهة لحلِّ أي مشكلة، وليس إلى الشارع والاحتشادات الميدانية على النحو الذي يجري عليه العمل في الوقت الراهن.المرحلة الثالثة: الاتفاق على خارطة الطريق:وتتمثل فيما يلي:• السعي إلى تحقيق مصالحة وطنية شاملة، لا تستبعد أحدًا، ولا تهمش أحدًا، فبالعدل قامت السموات والأرض، وذلك بالاتفاق مع الأطياف الوطنية جميعًا وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية على خارطة طريق، يلتقي فيها الجميع على مشترك من الخيرِ العام والمصلحة الوطنية العامة، يشاركون جميعًا في رسمها، ومن أبرز معالمها المطروحة للنقاش ما يلي:- طي صفحة الانقلاب العسكري، بما شابها من احتقانات وجراحات، وإقالة عَثرة من تعثَّر فيها من كبار القادة، لما كانوا يتأوَّلونه، أو صور لهم من أن هذا من قبيل ارتكاب أخفِّ الضررين، وأنه يصب في مصلحة البلاد والعباد، مع الاحتفاظ بالحق في التعويض العادل لكل من تضرَّر فيها، وكان من ضحاياها.- تفويض رئيس الجمهورية الشرعي (الدكتور محمد مرسي) سلطاته إلى وزارة وطنية مؤقتة تتولى تسيير الأعمال، تتكون ممن يجمعون بين الكفاية والوطنية، ولا يحسبون على التيارات الحزبية. – الدعوة الفورية إلى انتخابات برلمانية مبكِّرة، لا تتجاوز تسعين يومًا من تاريخ الدعوة إليها.- تشكيل الوزارة الدائمة التي تُباشرالسلطة التنفيذية في ضوء نتائج الانتخابات البرلمانية ووفقًا لما هو مقرر في القواعد الدستورية.- للبرلمان بعد انتخابه ولايةُ النظر فيما يتعلق بمستقبل الرئيس بقاءً أو إعفاءً، فقد يصوِّت على استكماله لمدته، وقد يدعو إلى انتخابات برلمانية مبكرة وفقًا للقواعد الدستورية.- البتُّ في الإجراءات المقترحة لتعديل الدستور بالتراضي وفقًا للآليات الدستورية.هذا الذي بدا لنا، وأردنا أن ننصح به لأمتنا ولأطيافها المختلفة، حقنًا لدمائها، وتسكينًا لثائرتها.وبقيت كلمة أخيرة:إلى الفريق السيسي:لا تُغامر بدينك وآخرتك من أجل عرضٍ زائل ومتاع قليل! لا شيء مما ترى تبقى بشاشتهيبقى الإله ويفنى المال والولد( )
أناشدك الله أن لا تتورط في قطرةِ دمٍ ظلمًا، فإن من فعل ذلك لقيَ الله وقد كتب بين عينيه: آيس من رحمة الله( ). «لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى الله مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ»( ). و«لَنْ يَزَالَ الْـمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَـمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»( ).إلى حشودِ الغد من أبناء وطننا الجريح:لا تستجيبوا لدواعي الفتنة، أوفوا بعهدِ الله، وعظموا حرمةَ الدماء، ولا يبغي بعضكم على بعض، فإن أبيتم إلا الخروج غدًا فعبروا عما تريدون في رقيٍّ وتحضُّرٍ، ومن قبل ذلك في مخافة من الله عز وجل، وتجنَّبوا الاحتكاكَ بالآخرين، واعلموا أن المستفيدَ الأولَ من هذا الاحتراب الداخلي هو العدو الجاثم على الأبواب، الذي يتراقص على جراحاتنا، وأنَّات أيتامنا وأراملنا، فلا تُشمِتُوا بنا الأعداء.وأخيرًا: اللهم إن هذا جهدُ المقل، أسهرت فيه ليلي، وقدمته على تلاوة كتابك في هذا الشهر المبارك، على مسيس حاجتي إلى تلاوة القرآن في شهر القرآن، فاشرح له يا رب صدورَ عبادك، وفيض له من ينقله إلي من ينتفعون به، وحقق فيه قولَك لخليك إبراهيم عليه السلام: إنما عليك الأذان وعلينا البلاغ( ).فلقد دفعت بكل ما ملكت يديوتركت للجبار ما أعياني
والله من وراء القصد. والله تعالى أعلى وأعلم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فلا تفي مفردات اللغة بوصف فجيعتنا وأحزاننا لهذه المجزرة، لقد فاقت كُلَّ خيال، وتجاوزت كلَّ تعبير، ولا نملك إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد اختلطت الدماءُ والأشلاء، وزاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالًا شديدًا، والمنافقون والذين في قلوبهم مرض يقولون: ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا. والشامتون القابعون وراء الشاشات الصغيرة يتراقصون على أشلاء الضحايا، وفواجع الثَّكالى واليتامى، وستظلُّ هذه الدماء البريئة رِيبةً في قلوبهم إلا أن تقطِّعَ قلوبهم، ولعنةً تطاردهم أحياءً وأمواتًا وتنزل معهم في قبورهم إلا أن يتوبُوا.
وأول ما نذكِّر به ونؤكد عليه في هذا المقام أن نجدِّد يقيننَا بأن يدَ الله تعمل في هذا الوجود، وأن أعمالَ الله جل وعلا لا تنفكُّ عن حكمته، أدرَك ذلك من أدرَكَ، وأفِكَ عن ذلك من أفك، فإذا رأينا في حياتنا ما يُروِّعنا أو ما يدهشنا، أو ما يخرج بنا عن مألوف توقُّعاتنا، فينبغي أن نُحسن ظنَّنَا بالله عز وجل، وأنا لا نتهم اللهَ على أنفسنا، بل نرجع في ذلك أول ما نرجع إلى أنفسنا، وأن نذكر دائمًا قوله تعالى للمؤمنين يوم أحُد: { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } [آل عمران: 165].
إننا غضاب! وإن كلَّ من كانت لديه بقيَّةٌ من دين أو عقل أو مُروءة لا شَكَّ غاضبٌ ومتغيِّظٌ، بل يكادُ يميز من الغيظ، ولكنَّ يقيننا أن الله أشدُّ غضبًا. إننا نغار على هذه الحرمات المستباحَة والدماء المسكوبة، ولكن يقيننا أن الله أغْيَر، فلا أحد أغير من الله(1). وأن ما يجري إنما هو على سمعِه وبصره لحكمةٍ عُليَا يُريدها، ستكشف عنها الأيامُ والليالي، فلا نقنط من رحمة الله، ولا نيأس من رَوْحِه، ولا يكن في صدرِنا حرج من حكمته وتدبيره.
وبعد هذه الدفقة من الزفرات والمشاعر التي لا نُريد أن نسترسِلَ معها، أرجع إلى موضوع السؤال، وأود التأكيدَ على جملة من الحقائق لا نُريد أن تضيع في محرقة هذه الكارثة وجنائزها.
أولًا: فريضة الوقت هي التداعي لإيقاف هذه المجازر، ومنع تكرارها، فإن الدماءَ تحفر في القلوب من الحُفَر والأخاديد ما لا تردِمُه الأيام والليالي، ولا يجوز في منطق العُقلاء أن تعمَّق الثارات بين الأمة وقيادة جيوشها، فإن هذا أول الفشل وبداية الانهيار.
ثانيًا: التداعي لحقنِ الدماء مُحكَمٌ من النقل والعقل والوطنية والإنسانية، فلا ينبغي أن يُختلف فيه، ولا أن يُختلف عليه، ولا علاقة له بالصِّراعات الحزبية، ولا بالتراشقات السياسيَّة والطائفية، ولسنا بصددِ تقويم موقفِ هذا الفصيل أو ذاك، فلذلك ميقاتُه المناسب زمانًا ومكانًا، وإنما الذي نتداعى جميعًا له، ونتخندق جميعًا في خندقِه في هذه اللحظة التاريخية الراهنة هو حقُّ النصرة العام للمستضعفين، الذي تستصرخنا به دماءُ مئاتِ الشهداء، وأضعاف هذا العدد من الجرحى والمصابين.
ولا تزال أرتال الشهداءِ والمنكوبين تترَى وتتابع، وكل هؤلاء الضحايا والمنكوبين من الذريَّة الضعفاء والعزل الأبرياء، ولا علاقة لهذا الحق المعلوم والمحتوم بتباين الرؤى حول موقف الإخوان أو غيرهم من بقية الفصائل الإسلامية أو الوطنية سياسيًّا او جهاديًّا أو دعويًّا.
ثالثًا: لن نسمح أن نُجَرَّ إلى المشهد السوري بحال، مهما بلغت الاستفزازات وتفاحشت المظالم، وإن اعتزالَ المشهد بالكلية، واستمطار لعنات الله على القتلة، وانتظار جوابه على الظَّلمة، خيرٌ لنا من الدخول في الاحتراب الداخلي والحرب الأهلية.
رابعًا: الاحتشاد والتظاهر ليس مقصودًا لذاته، وإنما باعتبارِه وسيلةً للتعبير عن رأي، وإظهارِ عاطفةٍ، وإنكار مظالم، ودعم مطالب مشروعة، ولهذا يتعيَّن على عقلاء مصر وحكمائها بدءًا من مشيخة الأزهر مرورًا بالرموز الوطنية والشعبية والدينية التداعي إلى المخرج السِّلمي والدستوري لهذه الأزمة، وفيما طرحناه من قبل من مبادرة مجدوَلَةٍ مخرجٌ يمكن تطويره مع الخبراء والمتخصصين، وقد أشار إلى كثير منه الدكتور العوا حفظه الله، وآخرون من فقهاء السياسة والقانون الدستوري.
• خامسًا: أما بالنسبة لقضية استمرار التظاهر في ظل هذه المستجدات فإننا نحيلها إلى قيادة المشهد على الأرض من العلماء والخبراء، ولا نستطيع أن نجزِمَ فيها عن بعد، ولكن الذي يَلُوح لنا هو الثباتُ في مواقع التظاهر، وتجنُّب المسيرات التي تؤدي إلى مزيد من التصعيد والاستفزاز، لتكون رِدءًا وظهيرًا شعبيًّا للمطالبين بالحوارِ والحلِّ السلمي والدستوري للأزمة، والأمر في النهاية إلى قيادة هذا المشهد من أهل العلم وأهل الخبرة من المباشرين للحدث، وممن هم أقدر على تقدير مصالحه ومفاسده.
سادسًا: لا بديل من الحوار والمخرج السلمي للأزمة، لقد كانت الثورات فيما مضى على أنظمة فاسدة، وكان الثائرون والمتظاهرون ينتظرون انحيازَ الجيش إلى الثورة، ولكن التظاهر في هذه المرة ضدَّ من ولي قيادة الجيش نفسه، فماذا ننتظر؟! ومن ننتظر لنصرتنا بعد الله عز وجل في عالم الأسباب البشرية؟!
لا نعرف قوة بشرية يمكن أن تقهر الجيش ننتظر انحيازها إلى الشرعيَّة والعدل، إذا رفعت الأسلحة والتقى الجمعان، بل لا نُريد هذه القوة البشرية التي تقهر جيشنا الذي نُعدُّه في النهاية درعًا لأمتنا، وآخر ما تبقى من حصونها ومعاقلها وجيوشها. فلا بديل إذن من الحل الدستوري والسلمي للأزمة.
سابعًا: أما القتلة والظلمة وقد تلوثت أيديهم، واسودت صحائفُهم، فجوابهم عند الله عز وجل، وويل لهم من لحظة يقفون فيها بين يديه جل جلاله، في يوم يجعل الولدان شيبًا، فالموعد الله، والملتقى بين يديه. { وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ } [إبراهيم: 42]{مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ } [إبراهيم: 43].
وكلمة أخيرة لإمامنا الأكبر:
لقد اتُّخِذَت من مباني كليات جامعة الأزهر منصاتٍ للقنص وأرصادًا لمن سفكوا الدم الحرام، تحت سمع وبصر العالَم، وإن تلاميذكم ومحبيكم ينتظرون جوابكم، ويتطلعون إلى موقفٍ قويٍّ يصدر عنكم، يُكافئ هذا الجرم، ويجدد شباب هذه المؤسسة العريقة التي تتسنمون قمَّتها، ويجدد ثقة الأمة بها.
هذا بعضُ ما جاشت به النَّفس من زفرات ومن تأملات، وهنا يُمسك القلم شباته، ولا تزال أوراق القضية مفتوحة، والكتابة عنها مستمرة بإذن الله، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «التوحيد» باب «قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا شخص أغير من الله» حديث (7416)، ومسلم في كتاب «اللعان» حديث (1499)، من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ والله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، واللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ الله وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْـمُبَشِّرِينَ وَالْـمُنْذِرِينَ، وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْـمِدْحَةُ مِنَ الله وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ الله الْـجَنَّةَ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend