بين طلب الولاية وإتيانها من غير مسألة

ما وجه الدلالة من الحديث: «إِنَّا لَا نُوَلِّي هَذَا الْأَمْرَ أَحَدًا طَلَبَهُ»؟ وكيف نُوفِّق بين قول الله تعالى: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55] وبين الحديث السابق وبين حديث أبي ذرٍّ: «إِنَّهَا أَمَانَةٌ، وَإِنَّهَا يَوْمَ القِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا»(1). وجزاك الله خيرًا.

ــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإمارة» باب «كراهة الإمارة بغير ضرورة» حديث (1825).

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد: فإن الأصل أن طالب الولاية لا يُولَّى، وأن من أُوتي الإمرة من غير مسألة أُعين عليها، ومن أُوتيها بمسألة وُكِل إليها(1)، ولكن إذا تعيَّن شخص لولاية من الولايات وكان أقوم الناس بها وأقدر الناس عليها فلا حرج في طلبه للولاية وسعيه في ذلك، كما كان من نبي الله يوسف عليه السلام  عندما قال لعزيز مصر: ﴿اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ [يوسف: 55]، وكما يطلبها الإسلاميون في واقعنا المعاصر مدافعةً للعلمانيين وكفًّا لشرِّهم وأذاهم عن الأمة، وسعيًا إلى تحكيم الشريعة والإقرار بمرجعيتها في علاقة الدين بالدولة. فمن كانت له في ذلك نية صالحة وآنس في نفسه القدرة على إقامة القسط فلا حرج في طلبه للإمارة، بل قد يكون ذلك مندوبًا أو واجبًا بحسب مسيس الحاجة إلى ذلك. والله تعالى أعلى وأعلم.

ــــــــــــــــــــــ

(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الأحكام» باب «من سأل الإمارة وكل إليها» حديث (7147)، ومسلم في كتاب «الأيمان» باب «ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها» حديث (1652)، من حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه ، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ فَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا وَإِنْ أُعْطِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend