حول الانتحار

شخص به رُهاب اجتماعي، يمقت العيد والاجتماعات والعيش مع النَّاس والجماعة والذهاب للمسجد… إلخ. يسأل: لماذا الانتحار محرم عليه وهو الحل لمشاكله؟ فإن اللهَ لا يشفِه، والنَّاس وأطباء النفس لا يستطيعون علاجه، يسأل: لماذا يعيش أصلًا وهو غير ميسر لما خلق له، أعني أنه إن خلق ليكون مسلمًا يعيش مع الجماعة فلماذا لا يستطيع العيش مع الجماعة؟ ولديه كل هذه المشاكل والعناء؟ أرجو الجواب المباشر.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فـ«مَا أَنْزَلَ اللهُ دَاءً إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ»(1)، وعلى صاحب هذه النازلة أن يلتمس علاجه لدى الأطبَّاء النفسيين، وأرجو أن يجد عندهم علاجًا بإذن الله، وليس علاجه في الانتحار الذي حرمه الله عز و جل  لما يتضمنه من الاعتراض على القدر والسخطة على الرب جل وعلا، فإن الحياة هبة من الله عز و جل ، فلا يملك الحقَّ في سلبها إلا الذي وهبها.
ومن الأَدِلَّة على تحريم الانتحار: قوله ﷺ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ شَرِبَ سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا»(2).
وقوله ﷺ: «كَانَ بِرَجُلٍ جِرَاحٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ اللهُ: بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ، حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْـجَنَّةَ»(3).
أسأل الله أن يمسحَ عليه بيمينه الشَّافية، وأن يجمعَ له بين الأجر والعافية، وأن يذهب عنه كيد الشَّيطان. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/413) حديث (3922)، وابن ماجه في كتاب «الطب» باب «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» حديث (3438) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/50) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».

(2) أخرجه مسلم (109).

(3) أخرجه البخاري في كتاب «الجنائز» باب «ما جاء في قاتل النفس» حديث (1364) من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق, 13 الجنايات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend