إضافة الفضل للوالدين بعد الله

ماحكم قول: «الفضل بعد الله والوالدين يعود إلى فلان». فهل هذا جائز؛ عطف الوالدين على لفظ الجلالة، وذلك استدلالًا بالنص القرآني في سورة الإسراء، فهل هذا جائز أم لا؟

الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الصوابَ أن يقال: الفضل بعد الله ثُمَّ الوالدين يعود إلى فلان، حتى لا تجعل أحدًا نِدًّا لله عز وجل، ففي الحديث: «إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ»(1).
والأكمل من ذلك أن يقال: ما شاء الله وحده، فقد قال له رجل: ما شاء الله وشئتَ. فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: «أَجَعَلْتَنِي وَاللهَ عَدْلًا؛ بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ»(2).
وقد جعل الله الفضل بيده وحده يؤتيه من يشاء، فقال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [آل عمران: 73]. أي الأمور كلها تحت تصريفه، وهو المعطي المانع.
وليس معنى هذا أن المسلم لا يشكر من أَسْدَى إليه معروفًا، فإن «مَنْ لَـمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَـمْ يَشْكُرِ اللهَ»(3). وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اسْتَعَاذَ بِالله فَأَعِيذُوهُ، وَمَنْ سَأَلَ بِالله فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوهُ، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ؛ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ»(4). والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________
(1) أخرجه ابن ماجه في كتاب «الكفارات» باب «النهي أن يقال: ما شاء الله وشئت» حديث (2117) من حديث ابن عباس رضي الله عنه. وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (2/136) وقال: «هذا إسناد فيه الأجلح بن عبد الله مختلف فيه ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وأبو داود ووثقه ابن معين والعجلي ويعقوب ابن سفيان وباقي رجال الإسناد ثقات».
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/214) حديث (1839)، وابن ماجه في كتاب «الكفارات» باب «النهي أن يقال: ما شاء الله وشئت» حديث (2117)، والنسائي في «الكبرى» (6/245) حديث (10825). وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (2/136) وقال: «هذا إسناد فيه الأجلح بن عبد الله مختلف فيه؛ ضعفه أحمد وأبو حاتم والنسائي وأبو داود وابن مسعد، ووثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان وباقي رجال الإسناد ثقات»، والعراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (2/835) وقال: «النسائي في الكبرى وابن ماجه بإسناد حسن».
(3) أخرجه الترمذي في كتاب «البر والصلة» باب «ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك» حديث (1955) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
(4) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/68) حديث (5365)، وأبو داود في كتاب «الزكاة» باب «عطية من سأل بالله» حديث (1672)، والنسائي في كتاب «الزكاة» باب «من سأل بالله عز وجل» حديث (2567) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. وذكره العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/170) وقال: «أبو داود والنسائي من حديث ابن عمر بإسناد صحيح»، وابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/405) وقال: «إسناده صحيح»، وصححه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (1672).

تاريخ النشر : 30 أكتوبر, 2023
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend