موسوس لديه تخيلات مرضية ووساوس قهرية

إن شاء الله يا دكتور هذه ستكون آخر رسالة لي في هذا الموضوع، وأرجو من حضرتك أن توجهني؛ لأني لا أجد أحدًا أحدثه عما يحدث لي، وأشعر أن شيئًا سيحدث لي من شدة التعب والحزن والهم واليأس من نفسي.
أنا يا دكتور متعَبٌ جدًّا بسبب هذا المرض، ولا أجد أحدًا أحدثه في هذا الموضوع غير زوجتي، وأرجو من حضرتك توجيهي كيف أتصرف، حيث إنني أصبحت أشعر أن هذه الوساوس تؤثر بشدة على حياتي العمليَّة، وكذلك على حالتي الصحية، فأصبحت من كثرة التفكير أشعر بصداع شديد وألم نفسي رهيب، هذا بالإضافة إلى أنني مهموم وحزين ومكتئب طوال اليوم، وهو ما يؤثر على الجو الأسري داخل المنزل، حيث ابتعدت جدًّا عن أطفالي حتى لا يروني هكذا، وأنا آسف يا دكتور، أرجو من حضرتك أن تجيبني على هذا لعلي أرتاح ولو لبعض الوقت:
• هل قولي هذه الجملة «لا أنت قلتها» إذا كنت قلتها، وكنت أقصد الكلمة الصريحة التي سببت لي الوسواس، وذلك على الرغم من أنني لم أقل الكلمة الصريحة أبدًا- يترتب عليه شيء؟
بمعنى هل قول هذه الجملة «لا أنت قلتها» لا يترتب عليه أي شيء في أمور الطلاق؛ كفارة أو صيام ثلاث أيام أو أي شيء؟
• قبل أن تجيبني تخيلت- مجرَّد تخيل فقط- أنك أجبتني وقلت لي: «إن الطلاق يقع بذلك». ثم تخيلت أنني أبعث رسالة لحضرتك مرة أخرى أشرح لك تفصيل ما حدث لي بالضبط، وشعرت عند هذا التخيل أنني ربما نطقت هذه الجملة: «أريد أن أشرح لحضرتك التفصيل الصحيح لما حدث لي؛ لأن رد حضرتك أفزعني جدًّا»، ثم تخيلت أن حضرتك بعد أن قرأت التفصيل قلت لي: «إن كان ما حدث لك كذلك فلا يقع بسببه شيء». وشعرت أنني نطقت هذه الكلمة على لسان حضرتك أثناء هذا التخيل. فهل إذا كنت نطقت هذه الجملة «أريد أن أشرح لحضرتك التفصيل الصحيح لما حدث لي؛ لأن رد حضرتك أفزعني جدًّا» عندما تخيلت أن حضرتك رددت عليَّ وقلت لي: «إن الطلاق يقع بذلك»- يترتب عليه شيء؟
وهل قولي هذه الجملة على لسان حضرتك «إن كان ما حدث لك كذلك فلا يقع بسببه شيء» عندما تخيلت أن حضرتك تقولها لي بعد أن أرسلت لك ما حدث لي بالتفصيل- يترتب عليه شيء؟
وآخر شيء يا دكتور، هل إذا كان ما أنا فيه هذا مرضًا هل آخذ حسنات عليه أم أنا المتسبب في هذا المرض وأتحمل مسئوليته؟ وهل من الممكن أن توجهني لأي شيخ أو طبيب لأذهب إليه؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأحسن الظن يا بني بربك وبشريعته، أتظن أن الله جل وعلا يريد أن يشقَّ على عباده؟! وأن يعنتهم، وأن يفرق بينهم وبين أزواجهم بهذه التخيلات المرضية والوساوس القهرية؟! وهو أرحم بهم من آبائهم ومن أمهاتهم(1)؟!
هل لو كان أبوك صاحب القرار في مثل هذه المواقف، هل كنت تظن به أو تتوقع منه أنه سيطلق عليك زوجتك؟! إن كان الجواب لا، فكيف تحسن الظن بوالديك وتسيء الظن بخالقك وخالقهما؟!
فكل ما ذكرته هواجس مرضية، وتهيؤات نفسية، لا يقع بمثلها طلاق قطُّ، لا في الإسلام ولا في أي ملة من الملل، أنت تشرب السم بيدك، وتطلق الرصاص على ساقك، لا بل على قلبك، هذا الذي تتوهمه ليس في دين الله عز وجل، إنه محض كيد شيطاني، فكيف تتخذه وليًّا؟! وكيف تأتمنه على دينك يا بني؟!
أغلق هذا الملف إلى الأبد، فإن عجزت فالطب النفسي وليس الفقهاء. والله تعالى أعلى وأعلم.

—————————

(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «رحمة الولد وتقبيله ومعانقته» حديث (5999)، ومسلم في كتاب «التوبة» باب «في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه» حديث (2754)، من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبيٍ؛ فإذا امرأة من السبي تبتغي إذا وجدت صبيًّا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْـمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟» قلنا: لا والله؛ وهي تقدر على أن لا تطرحه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «للَّـهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   10 متفرقات في العقيدة.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend