هناك فتوى عن حكم تهنئة النصارى بأعيادهم للإمام ابن القيم: «وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد، ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثمًا عند الله، وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قَدْر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنَّأ عبدًا بمعصية أو بدعة أو كُفر فقد تعرَّض لمقت الله وسخطه… إلخ». انظر «أحكام أهل الذِّمَّة» (1/161) فصل «في تهنئة أهل الذِّمَّة».
ويقول العلامة فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله: «مِن حق كلِّ طائفة أن تحتفل بعيدها بما لا يؤذي الآخرين، ومن حقها أن تهنئ الآخرين بالعيد».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن قول الشيخ القرضاوي: «إن من حقِّ كل طائفة أن تحتفل بعيدها بما لا يؤذي الآخرين» إنما يشير إلى ما اتفق عليه أهل العلم من إقرار أهل الذِّمَّة وما يدينون، وأن الذِّمَّة تُبذل لهم على ذلك، فلا يتعرض لهم بشيء عند ممارستهم لشعائرهم، والأعياد من جملة المناسك والشعائر.
أما ما نُسب إليه حول التهنئة فلا حرج فيه إذا كان الحديث عن المناسبات الاجتماعية، ولكنه موضع نظر إذا كان الحديث عن الأعياد الدينيَّة، وكلام ابن القيم في هذا أقوم قِيلًا وأهدى سبيلًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.