الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه. أمَّا بعدُ: هل الجهل بتحريم الرِّياء يبطل العمل؟
فذات مرة قطعتُ صلاتي ثم نظر إلي شخص، فخشيت أن يزجرني بقوله: ما هذا؟ لماذا قطعت صلاتك؟ فعلت كأنني في الصَّلاة، ثم عندما التفت دخلت في الصَّلاة. فهل عليَّ إثم؟ والصَّلاة والسَّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن حكم الخطاب لا يثبت في حقِّ الـمُكلَّف إلا إذا بلغه، فما بلغك من الدِّين فهو حجَّة عليك، ويلزمك العمل به، وما لم يبلغك منه وأنت لم تُقصِّر في طلبه فلا تلزمك تَبِعةٌ في مخالفته، وقد قال ربُّك جلَّ وعلا: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾ [الأنعام: 19]، وقال تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: 15].
والرِّياء أن تقوم بالعبادة أو أن تُجوِّدها من أجل نظر النَّاس إليك، ليقال إنك عابد، وابتغاءً للمنزلة والمكانة في صدورهم، واليسير من الرِّياء شرك، وما ذئبان جائعان أُرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشَّرف لدينه(1)، وربك أغنى الشُّرَكاء عن الشِّرك، فمن عمل عملًا أشرك فيه مع الله غيره تركه الله وشِرْكَه(2).
فاعتبر بهذه المعالم، وطبِّقها على سؤالك، وعلى ما يَجدُّ لك من وقائع مماثلة في المستقبل.
زادك اللهُ حرصًا وتوفيقًا، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (3/456) حديث (15822)، والترمذي في كتاب «الزهد» باب «ما جاء في أخذ المال بحقه» حديث (2376) من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَـهَا مِنْ حِرْصِ الْـمَرْءِ عَلَى الْـمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ»، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
(2) فقد أخرج مسلم في كتاب «الزهد والرقائق» باب «من أشرك في عمله غير الله» حديث (2985) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قَالَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ؛ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ».