هل الغزالي وابن الحاج مبتدعة؟
قال ابن الهمام في «فتح القدير»: «ثم يسأل النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- الشفاعة فيقول: يا رسول الله، أسألك الشفاعة، يا رسول الله، أسألك الشفاعة، وأتوسل بك إلى الله في أن أموت مسلمًا على ملتك وسنتك. ويذكر كلَّ ما كان من قبيل الاستعطاف والرفق به»(1).
وفي «فتاوى الرملي» بهامش «الفتاوى الكبرى» لابن حجر الهيتمي: «إن الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، والعلماء والصالحين، جائزة، وللرسل والأنبياء والأولياء إغاثة بعد موتهم؛ لأن معجزة الأنبياء وكرامة الأولياء لا تنقطع بعد موتهم. أما الأنبياء فهم أحياء في قبورهم يُصلُّون ويحجُّون كما وردت بذلك الأخبار، فتكون الإغاثة منهم معجزة لهم»(2). اهـ.
_______________
(1) «فتح القدير» (6/250).
(2) «فتاوى الرملي» (4/382-383).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فرحم الله علماءنا جميعًا، ونرجو ألا يُحرموا أجر المجتهد المخطئ فيما نُسب إليهم مما فاتهم فيه الصواب.
وليس المقصود تبديع مَن نُسب إلى العلم في هذه الأمة ونفع الله بميراثهم، فليس كلُّ من نُسبت إليه بدعة يكون بها مبتدعًا، ولكن المقصود هو تحرير المسائل تحريرًا علميًّا.
وقد علمتَ أن كلَّ الناس يؤخذ من وقوله ويُترك إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وقد سبق أن أشرنا لك في فتوى سابقة أن التوسل من القضايا الخلافية بين أهل العلم، فهم فيها ما بين مانعٍ ومجيز، والمسائل الاجتهادية لا يُضيَّق فيها على المخالف.
أما الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الخالق فعقيدتنا أنها لا تحلُّ، ونلتمس العذر لمن تأولها على أن المقصود بها هو التوسل بدعائهم إلى الله عز وجل ، ولكنا نخطئه، فبين الاثنين فرق ظاهر.
ولا عصمة لأحدٍ إلا للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ونحن لا نقرن بين الخطأ والإثم، فليس كلُّ مخطئ آثمًا، والخطأ المغفور في الاجتهاد يعمُّ المسائل العلمية والمسائل العملية.
وأرجو أن ترفق بنفسك وترفق بإخوانك من تتبع هذه المسائل، فقد ورد إلينا كثيرٌ من أسئلتك، وقد أجبناك عن بعضها ولا تزال سؤالاتك تَتْرَى؛ فارفق بنفسك وبنا، بارك الله فيك، وأخذ بنواصينا جميعًا إلى ما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلى وأعلم.