إجراء عملية تجميل في الأنف المشوهة

عانيت في حياتي تعبًا نفسيًّا شديدًا بشيء غريب جدًّا، أنا والحمد لله مصلٍّ ومن أرض الحرمين، ولكنني بدون مبالغة ولثلاث سنوات لم أنظر إلى وجهي في المرآة بسبب فقط أنفي كبير، وكنت أشعر بألم شديد جدًّا وبحرج، وعانيت.
وبعد ذلك عملت عملية تجميل وتحسنت نفسيتي، ولكن الآن عاد نفس الشعور لانحراف في الأنف، هل يجوز لي عمل عملية أخرى؟
أنا عمري ثلاثة وعشرون عامًا، غير متزوج، يا شيخي نوِّرني هل أنا انتهيت؟! الله يجعلك في جنات مع الرسول والشهداء.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا تقنط يا بني من رحمة الله، ولا تيأس من رَوْحه؛ فإنه لا يقنط من رحمة الله إلا القوم الضالون، ولا ييئس من رَوْحه إلا القوم الكافرون(1).
واعلم يا بني أن أبواب ربك مفتوحة على مصراعيها ليلًا ونهارًا تستقبل العائدين إلى ربهم والمنيبين إليه، وأن ربك أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل(2)، وهو القائل لنبيه صلى الله عليه وسلم : ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الأنعام: 54].
أما ما تذكره عن أنفك يا بني فإن الأمر أهون من أن يكلفك كل هذا العنت، ولكن الشيطان يتخذ من ذلك مدخلًا ليصدك عن ذكرك الله، ويقنطك من عفوه ورحمته، فاحذره على نفسك.
إن كان ما بأنفك يا بني عيبًا جسيمًا فيما يراه عقلاء الناس فلا حرج في أن تجري العملية مرة أو مرتين وثلاثًا إلى أن يستقيم أنفك ويصلح خلله، ولا تثريب عليك في ذلك، ولقد قُطع أنف أحد الصحابة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم  أن يتخذ أنفًا من فضة فأنتن عليه فرخَّص له أن يتخذ أنفًا من ذهب(3)، مع ما تعلمه من أن الذهب محرم على الرجال، ولكن الضرورات العلاجية لها يا بني حكمها، والقاعدة في الشريعة أنه إذا ضاق الأمر اتسع.
ثم اعرض نفسك يا بني على أحد الأطباء ليشخص حالتك ويعينك بإذن الله على تجاوز أزمتك، فـ «مَا أَنْزَلَ اللهُ عز وجل  دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ»(4)، وأكثر من الذكر وقراءة القرآن، واتخذ لك رفقةً صالحة تذكرك بالله إذا نسيت، وتُعينك على الخير إذا تذكرت.
واللهَ أسأل أن يمدك بمدد من عنده، وأن يسبغ عليك ستره وعافيته. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾ [الحجر: 56]، وقال: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87]

(2) فقد أخرج مسلم في كتاب «التوبة» باب «قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب» حديث (2759) من حديث أبي موسى رضي الله عنه  عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «إِنَّ اللهَ عز وجل  يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا».

(3) فقد أخرج أبو داود في كتاب «الخاتم» باب «ما جاء في ربط الأسنان بالذهب» حديث (4232)، والترمذي في كتاب «اللباس» باب «ما جاء في شد الأسنان بالذهب» حديث (1770) من حديث عرفجة بن أسعد رضي الله عنه  قال: أُصيب أنفي يوم الكلاب في الجاهلية فاتخذت أنفًا من وَرِقٍ فأنتن عليَّ فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم  أن أتخذ أنفًا من ذهب، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».

(4) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/413) حديث (3922)، وابن ماجه في كتاب «الطب» باب «ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء» حديث (3438) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (4/50) وقال: «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 قضايا فقهية معاصرة, 14 متنوعات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend