السؤال
دكتور صلاح، كل عام وحضرتك بخير وعافية، ورمضان كريم.
أنا بالصدفة قرأت كلمة الإنجيل والصليب، ثم بعد ذلك كررتها أكثر من مرة، ثم أثناء تكريري لها شاهدت صورة ضايقتني، وبكل عفوية وبدون قصد وجدت نفسي أتلفظ بلفظ فيه سبٌّ والعياذ بالله للإنجيل، وأنا لم أكن أريد أن أسُبَّه والعياذ بالله، وعندما نطق لساني الشقَّ الأول من السَّبِّ، وكنت والعياذ بالله سأنسب السبَّ لكلمة الإنجيل استوقفت نفسي ولم أنطقها، ولكن طبعًا أكملتها في نفسي.
هل يترتب على هذا شيءٌ أو على إسلامي؟ شكرًا ورمضان كريم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
ففرق بين الإنجيل المنزل من عند الله والإنجيل الذي امتدت إليه يدُ العبث والتحريف، فالإنجيل المنزَّل من عند الله له قداستُه باعتباره كتابًا سماويًّا تنزَّل من عند الله، كما أن لعيسى عليه السلام تبجيلَه وتوقيرَه باعتباره نبيًّا ورسولًا من عند الله. أما الإنجيلُ الذي امتدت إليه يدُ العبث والتحريف ونُسب فيه الكذب إلى الله فليس من الله في شيء، فباطلُه أضعاف أضعاف حقِّه، وحقُّه منسوخ.
وعمومًا: «لَيْسَ الْـمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِيءِ»([1]). وقد نُهينا عن سب آلهة المشركين حتى لا يَحمِلَهم ذلك على سبِّ الله جل جلاله كما قال تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} [الأنعام: 108].
وأرجو أن لا يكون عليك حرج فيما ذكرت، فلا أظنُّك تقصد سبَّ الإنجيل المنزل من عند الله، فضلًا عن أن الله جل وعلا قد تجاوز لهذه الأمة عما حدثت به نفسها ما لم تعمل به أو تتكلم به([2]). ولا تعد لمثل ذلك في المستقبل، والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________________
([1]) أخرجه أحمد في «مسنده» (1/ 404) حديث (3839)، والترمذي في كتاب «البر والصلة» باب «ما جاء في اللعنة» حديث (1977)، والحاكم في «مستدركه» (1/ 57) حديث (29)، وابن حبان في «صحيحه» (1/ 421) حديث (192). وقال الترمذي: «حديث حسن»، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا بهؤلاء الرواة عن آخرهم ثم لم يخرجاه».
([2]) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الطلاق» باب «الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون» حديث (5269)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب» حديث (127) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.