هل يجوز أن أتزوج بنت خالتي؟ مع العلم أني رضعت من خالتي رَضْعَتين أو ثلاثةً غيرَ مشبعة ومن ثديٍ واحد. فما الحكم أفادكم الله؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الرضاعَ المحرِّم خمسُ رضعات معلومات مشبعات في الحولين، في الأظهر، لحديث أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعلوماتٍ يُحرِّمْنَ، ثم نُسخت بِخَمْسٍ مَعْلُوماتٍ، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن فيما يُقرأ من القرآن(1).
والرضعة هي: أن يُمسكَ الطفل الثديَ، ويمصَّ منه اللبن الذي يصل إلى جوفه، ثم يتركه، فهذه رضعة. فإن عاد وارتضع مثلها فرضعة ثانية، وهكذا، حتى يكمل الخمس أو أكثر. سواء كان ذلك بمجلس أو مجالس متعددة.
ولكن لو تركت هذا الأمرَ على سبيل الاحتياط للدِّين وللفروج، لكان أولى مراعاة لمن قال: إن مطلق الرضاع تثبُت به الحرمة، ولقوله صلى الله عليه وسلم لعقبة بن الحارث لما سأله أن أمةً سوداءَ تزعم أنها أرضعته هو ومن يريد نكاحُها، قال له: «كَيْفَ بِهَا وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا أَرْضَعَتْكُمَا؟!». ونهاه عنها(2).
مع أنه لا يثبت الرضاع بقولها، لكن من باب الاحتياط والورع، وفي الحديث: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» (3).
جاء في «الموسوعة الفقهية»: «قال الخطابي في خصوص الرضاع: هو من الموانع التي يمنعُ وجودُها وجودَ الحكم ابتداءً وانتهاء، فهو يمنع ابتداءً النكاحَ ويقطع استمراره إذا طرأ عليه، فإذا وقع الشكُّ في حصوله لم يؤثر؛ بناء على قاعدة: الشك مُلغًى. وقد يقال: إن الأحوطَ التنزُّه عن ذلك، وقد ذكروا أنه لا ينبغي للشخص أن يقدُمَ إلا على فرج مقطوع بحلِّيَّته»(4) اهـ. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الرضاع» باب «التحريم بخمس رضعات» حديث (1452).

(2) أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «شهادة المرضعة» حديث (5105) من حديث عقبة بن الحارث رضي الله عنه.

(3) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «فضل من استبرأ لدينه» حديث (52)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «أخذ الحلال وترك الشبهات» حديث (1599)، من حديث النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ رضي الله عنهما.

(4) «الموسوعة الفقهية» (26/191-192).