أنا شاب من مدينة (تبسة) بالجزائر، تقدمت لخطبة فتاة فتبين لي أنها قد رضعت من زوجة الجد رضعتين فقط، فهل تعتبر عمة لي من الرضاع، وهل يحق لي الزواج منها؟ أفيدوني في أقرب الآجال وجزاكم الله تعالى كل خير.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في عدد الرضعات المحرمة، فمنهم من أطلق- وهـم المالكية(1) والحنفيـة(2)- ولـم يقيِّدوا التحـريم بعدد، ودليلهم على هذا إطلاقات النصوص. ومنهم من قيد التحريم بثلاث رضعات فصاعدًا وهم الظاهرية، ومن أدلتهم على ذلك حديث: «لَا تَحُرِّمُ الْـمَصَّةُ وَلَا الْـمَصَّتَانِ»(3). و«لَا تُحَرِّمُ الْإِمْلَاجَةُ(4) وَالْإِمْلَاجَتَانِ»(5) .
ومنهم من قيد التحريم بخمس رضعات معلومات، وقد انتصر ابن القيم لهذا القول ورجحه، ويبدو أنه أظهر ما قيل في هذا الباب؛ لحديث عائشة ل قالت: كان فيما أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخَتْ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ(6 ). أي من جهة بعض الناس ممن لم يبلغه نسخ تلاوتها.
والذي نراه لك أن الأبرأ للذمة أن تأخذ بالاحتياط، وأن تبحث لك عن زوجة أخرى خروجًا من الخلاف، فإن الله لم يضيِّق عليك، والنساء كثير. ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) جاء في «حاشية الصاوي» من كتب المالكية (2/719-723): «(يحرم)… (الرضاع)… (بوصول لبن امرأة)… (وإن) كانت (ميتة أو) كانت (صغيرة لم تطق) الوطء إن قدر أن بها لبنًا (لجوف رضيع) لا كبير، ولو مصَّةً واحدة».

(2) جاء في «فتح القدير» من كتب الحنفية (3/438-441): «قال: (قليل الرضاع وكثيره سواء إذا حصل في مدة الرضاع تعلق به التحريم)».

( 3) أخرجه مسلم في كتاب «الرضاع» باب «في المصة والمصتان» حديث (1450) من حديث عائشة.

(4) قال النووي في «شرحه على صحيح مسلم» (10/29): «أما الإملاجة فبكسر الهمزة والجيم المخففة وهي: المصة. يقال: ملج الصبي أمه وأملجته».

(5) أخرجه مسلم في كتاب «الرضاع» باب «في المصة والمصتان» حديث (1451) من حديث أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه .

( 6) أخرجه مسلم في كتاب «الرضاع» باب «في المصة والمصتان» حديث (1450) من حديث عائشة.