إذا كنا في دولة مثل مصر لا تطبق الحدود، فماذا يفعل من أراد أن يطبق الحدود لكي تُقبل توبته؟ ماذا يفعل إذا عرف بعض الناس أنه مثلًا فعل ذنبًا يستحق الحدَّ والبعض لم يعرف؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فمن أصاب شيئًا من هذه القاذورات فلا يهتك ستر الله عليه، بل يستتر بستر الله عز وجل(1)، وليتب بينه وبين ربه، ويتبع السيئة الحسنة تمحها، كما قال صلى الله عليه وسلم: «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْـحَسَنَةَ تَمْحُهَا»(2).
ويجتهد في الإكثار من فعل الخيرات وعمل الصالحات، فإن الحسنات يذهبن السيئات(3)، وأمره إلى الله بعد ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ فَهُوَ إِلَى الله، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ»(4). والله تعالى أعلى وأعلم.
______________________
(1) فقد أخرج مالك في «موطئه» (2/ 825) حديث (1508) مرسلًا عن زيد بن أسلم رحمه الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ الله، مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ الله فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ الله».
(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/ 153) حديث (21392)، والترمذي في كتاب «البر والصلة» باب «ما جاء في معاشرة الناس» حديث (1987) من حديث أبي ذر – رضي الله عنه -. وقال الترمذي: «حسن صحيح»، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (1373).
(3) قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114)} [هود: 114].
(4) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الحدود» باب «الحدود كفارة» حديث (6784)، ومسلم في كتاب «الحدود» باب «الحدود كفارات لأهلها» حديث (1709)، من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.