معاملة «أقرضني أقرضك»

الأمر يا سيدي أنه يوجد هنا في السويد بنك اسمه (ياك) أُنشئ من أناس تلمَّحوا شر الربا وأضراره علـى المجتمع، وقرروا إنشاء مؤسسة تقوم بإيجـاد بديل للتعاملات الربوية بفكرة من يقترض 10 $ يردها 20 $ 10 سداد و10 ادخار تؤخذ في النهاية. اليوم المؤسسة بنك معترف به في السويد من البنك المركزي، ووصل عدد أعضائه 35000 عضو، وضعوا شرطًا الآن لما كثر عدد الأعضاء وهو نسبة 1.5% من القرض كمصاريف، هل يجوز؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن هذه المعاملة تدخل في إطار ما عبر عنه الفقهاء بقولهم: أقرضني أقرضك، أو أَسلِفْني أُسلِفْك، وذلك أن البنك يشترط على المقترض أن يقرضه مبلغًا مساويًا للمبلغ الذي أقرضه إياه، وجمهور أهل العلم على منع هذه الصفقة، قال الحطاب: «ولا خلاف في المنـع من أن يسلف الإنسان شخصًا ليسلفه بعـد ذلك»(1). وقال عليش: «ولا خلاف في منع أسلفني وأسلفك»(2).
والـذي يظهر لي هو التفريق بين أن تقوم بذلك جهة غير ربحية لا عمل لها في إطار هذا البرنامج إلا تيسير البدائل الشرعية عن المعاملات الربوية، ولا أَرَب لها في الاستثمار أو الاسترباح مـن خلاله، فيكون فعلها في هذه الحالـة من جنس التعاون على البر والتقوى، ويغتفر في التبرعات ما لا يغتفر في المعاوضـات.
أما إن كانت بنكًا تجاريًّا يمتهن الاستثمار في هذا المجـال كغيره من سائر صور الإقراض، فإن القول بالمنع هـو الأظهر، وهو الذي عليه جمهور أهـل العلم، وينصرف إليه قول المالكية السابق ويوافقهم عليـه جماهير أهل العلم، ويزداد الأمر بعدًا عن الشرعية إذا كان البنك يجمع هذه المدخَّرات ويودعها في مصارف ربوية ليتقاضى عن إيداعها فوائد ربوية.
أما بالنسبة للشق الثاني من سؤالك حول ما فرضه البنك مؤخَّرًا من 1.5 % مصروفات إدارية، فإن القول في ذلك يتوقَّف على حقيقة هذه الدعوى، فإن كان هذا هو ما يصرفه البنك بالفعل على إدارة هذا المشروع غير الربحي، فلا حرج عليه في تقاضيه هذه المصروفات من المنتفعين، أما إذا كان هـذا بابًا من أبواب الاسترباح وطريقًا من طرق الاستثمار؛ فقد عاد الربا جَذَعًا! ورجـع البنك إلى أصـله الربوي من حيث كونه تاجر نقـود يتاجر في إقراضـها واقتراضها، ولله الأمر من قبل ومن بعد!
ومن خلال ما سبق يُعلَم الجواب. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) «مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل» (13/121). 

(2) «منح الجليل شرح مختصر خليل» (10/233).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend