أكل الربا وعدم إجابة الدعاء وموت القلب

لدي سؤالان:
أولًا: أنا أعمل في بنك ربويٍّ في وظيفة أمين صندوقٍ، فهل يدخل عملي ضمن دائرة الأكل الحرام الذي يمنع إجابة الدُّعاء؟
ثانيًا: كيف يمكن للمرء أن يُرزَق القلب السَّليم الذي ليس فيه حسدٌ وحقد وغيرة وضغينة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن من الخير لك أن تبحث عن بديلٍ مشروع ينأى بك عن الرِّبا وعن الرِّيبة، فَلْتَبقَ في هذه الوظيفة بقدر ضرورتك أو مسيس حاجتك إليها، وتبحث عن بديل مشروع، فإن يسَّر اللهُ لك أسبابه فانتقل إليه غير آسفٍ على ما تركتَ، ومن ترك شيئًا لله أبدله اللهُ خيرًا منه(1).
أما مِن حيث حلِّ أو حرمةِ وظيفتك: فإن أهلَ العلم في ذلك فريقان: فمنهم من يَقصُر التَّحريم على الأعمال المُتَّصلة بالائتمان اتصالًا مباشرًا، والتي ينطبق عليها قول النَّبيِّ ﷺ: «لَعَنَ اللهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ»، وقال: «هُمْ سَوَاءٌ»(2). ويبدو أن وظيفتك لا تدخل في ذلك بناءً على هذا التَّأويل.
ومنهم من وسَّع الدَّائرة فحرَّم كلَّ عملٍ في البنوك الرِّبويَّة؛ لأن الأعمال في هذه البنوك يأخذ بعضُها بحُجُزِ بعضٍ، ويتكامل بعضها مع بعض، ولا غنًى لبعضها عن بعض، ويسري الرِّبا في أوصالها مسرى الماء في الأغصان!
وعلى الرَّأي الأوَّل جُلُّ فقهاء مصر، وعلى الثَّاني جُلُّ فقهاء بلاد الحرمين.
وقد مال مجمع فقهاء الشَّريعة بأمريكا إلى الأخذ بالأوَّل نظرًا لعموم البلوى ومسيس الحاجة وانتشار البطالة، ولكننا نؤكِّد على ضرورة البحث عن بديلٍ مشروع، فذلك أبرأ لذمَّتِك وأسلم لدينك وأرضى لربِّك، فإن خير دينكم الورع(3)، ومن اتَّقى الشُّبهات فقد استبرأ لعرضه ودينه(4). ونسأل الله التَّوفيق للجميع، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_______________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/78) حديث (20758)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (2/178) حديث (1135)، من حديث يزيد بن عبد الله بن الشخير عن رجل من الصحابة بلفظ: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ الله جَلَّ وَعَزَّ إِلَّا أَعْطَاكَ خَيْرًا مِنْهُ»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (10/269) وقال: «رواه كله أحمد بأسانيد ورجالها رجال الصحيح».

(2) أخرجه مسلم في كتاب «المساقاة» باب «لعن آكل الربا ومؤكله» حديث (1598) من حديث جابر بن عبد الله ب.

(3) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (1/171) حديث (317)، والطبراني في «الأوسط» (4/197) حديث (3960)، والبزار في «مسنده» (7/371)، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه  قال: قال لي رسول الله ﷺ: «فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ، وَخَيْرُ دِينِكِمُ الْوَرَعُ»، وذكره المنذري في «الترغيب والترهيب» (1/50) وقال: «رواه الطبراني في الأوسط والبزار بإسناد حسن».

(4) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الإيمان» باب «فضل من استبرأ لدينه» حديث (52)، ومسلم في كتاب «المساقاة» باب «أخذ الحلال وترك الشبهات» حديث (1599)، من حديث النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ رضي الله عنه  قال: سمعت رَسُولَ الله ﷺ يقول: «إِنَّ الْـحَلَالَ بَيِّنٌ، وإن الْـحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهَاتِ وَقَعَ في الْـحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْـحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الربا والصرف, 11 التوبة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend