ما يجب على الأب تجاه ابنه أو ابنته عند الزواج

ما حكم تجهيز الأب لابنه للزواج، وأيضًا حُكم تجهيز الأب لابنته؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصلَ أن يتقدَّم مُريد الزواج إلى والد الفتاة فيخطُبها، ثم يصدُقُهَا، ثم يجهز لها بيتًا بما تيسَّر له بالمعروف، فتملُك المرأة صداقَها، وهي أولى به من وليها.
ويجهز الرجلُ بيتَه ويكون ملكًا له، فإذا طلقت المرأة انتقلت إلى بيت أبويها، بعد استيفائها لحقوقها من مؤخر الصداق، ونفقة العدة، والمتعة ونحوه، على تفصيل في ذلك بين أنواع المطلقات ليس هذا موضع بسطه.
وليس هناك ما يمنع في الشَّرع من أن يشاركَ وليُّ الفتاة الزوجَ الناشئَ فيُعينَه في تجهيز بيت الزوجية، وقد يبلغ الأمر مبلغ اقتسام النفقات، فيكون تجهيز بيت الزوجية مناصفةً بين الزوج وولي الفتاة، ويكون هذا تنفلًا من قِبَل ولي الفتاة، إعانة لشاب في مُقتبل عمره، وتيسيرًا لأمر زواج ابنته، وحرصًا على سعادتها واستقرارها.
وقد يتنفَّل الزوج كذلك فيكتب كل منقولات بيت الزوجية أو بعضها لزوجته، ويجعلها جزءًا من مهرها، فيتمُّ تحرير قائمة بمنقولات الزوجية للمرأة، وتصبحُ تلك المنقولات التي لدى الزوج على سبيل الأمانة للاستعمال فقط، وتستقلُّ بها الزوجة عند أقرب الأجلين الموت أو الطلاق. ولا يكون شيء من ذلك بطبيعة الحال إلا عن تراضٍ من الطرفين وتشاورٍ بينهما.
أما عن مدى التزامِ الأب بتجهيز ابنته وتحمُّلِ نفقات هذا التجهيز، فإن كان لها مالٌ فتجهيزها يكون من مالها، أما إذا لم يكن لها مالٌ فإن مشاركةَ أبيها في تجهيزها أمرٌ جرى به العُرف، وهو من قبيل البرِّ والصلة ومكارم الأخلاق، ولا يلزم الأبَ به ديانةً ولا قضاءً، بل إن طابت نفسُه بذلك، وفعله اختيارًا بطيب نفس منه- فلا حرج، ويُحمد على ذلك، وإلا فلا يلزم به، وتلك مسئولية الزَّوج، ويجب على الأب في هذه الحالة أن لا يكلف زوجَ ابنته ما لا يطيق من الأثاث والمتاع.
ويستثنى من ذلك حالة إذا أطبق العُرف على عدم تزوُّج الفتاة إلا إذا شارك أهلُها في تجهيزها، وتضررت البنتُ من عدم تجهيز والدها لها وخُشي عليها من العُنُوسة؛ فإنه الأبُ يُلزم في هذه الحالة إذا كان قادرًا على تجهيز ابنته كما يُلزم بطعامها وشرابها وكسائِها، لأن حاجتها إلى العفاف لا تقلُّ عن حاجتها إلى الطعام والشراب والكساء، بل قد يكون الأمر في باب العفاف أخطر، لأن الطعام قد تحصله من بعض أرحامها أو عصبتها، أما العفاف فلا يملك أن يقدمه لها إلا الزوج، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
أما بالنسبة للابن فإن كان ذا مال فإنه يزوَّج من ماله، ويصبح إعانة الأب لابنه في هذه الحالة نافلةً من النوافل. أما إذا احتاج إلى الزواج وكان لا يملك القدرة المادية على ذلك، وكان والدُه في سعة من العيش فيلزمه إعفافَ ولده وإعانته على الزواج الذي يكتمل به شطر دينه، فالإعفاف لا يقلُّ أهميةً عن الطعام والشراب والكساء.
فيجب على الرجل إذا كان قادرًا أن يعفَّ أبناءه كما يجب عليه أن يسدَّ جوعهم وعطشهم، بل قد تكون مسألة الإعفاف كما سبق أخطر؛ لأنها قد تتعدَّى إلى الغير فيفسد غيره. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend