تهنئة غير المسلمين بأعيادهم لتهنئتهم لنا في أعيادنا

لي زميل نصراني في العمل، في الأعياد أجده من أول المهنئين لي، وبصراحة أنا لا أطيق ذلك؛ لأنه يتطلب مني أن أردَّ له التهنئة في أعيادهم. ما حكم الدِّين في ذلك؟ وهل يكون عليَّ إثمٌ عملًا بالآية الكريمة: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾ [النساء: 86]؟ أفيدوني وجزاكم الله خيرًا، وجعله في ميزان حسناتكم يا فضيلة الدكتور.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد أمرنا اللهُ جل وعلا بالبِرِّ والقسط للمُسالمين لأهل الإسلام من غير المسلمين(1)، وأباح لنا زواجَ المحصنات من أهل الكتاب خاصة، وأحلَّ لنا ذبائحَهم التي لم يُهلوا بها لغير الله(2)، إلى غير ذلك مما هو معروف ويبحث عن تفاصيله في مظانِّه.
ولكن الأصل في الأعياد أنها من جملة الشعائر والمناسك، وقد جعل الله لكل أمة منسكًا، ولكل قوم عِيدًا، وقد جعل أعياد أهل الإسلام الفطرَ والأضحى، فينبغي الالتزام بذلك وعدم مشاركة أحد من الأمم الأخرى في أعيادهم الدينية، تهنئةً بها أو مشاركةً في بِدَعها أو شركها.
أما ما وراء ذلك من المناسبات الاجتماعية كالتهنئة بتجدد نعمة، من مثل قدوم غائب أو نجاة من حادث أو معافاة من مرض ونحوه فإن الأمر في ذلك واسع، وتدخل التهنئة به في جملة البرِّ والقسط الذي أمرنا به في التعامل مع المسالمين لأهل الإسلام من غير المسلمين.
أما تهنئتهم لنا في أعيادنا فإنها لا تصلح مسوغًا لتهنئتهم بشيء نعتقد تحريمه، فكما لا يجوزُ تهنئة أحد من الناس بشُرب خمر أو أكل لحم خنزير، أو تهنئة مطرب من المطربين بإصدار ألبوم جديد للغناء، أو ممثل من الممثلين بنجاح دوره في فيلم يخرج فيه على الثوابت الدينية- لا يجوز التهنئة بمثل هذه الأعياد، مع ما تضمنته من مناقضة لثوابت الملة وحقائق التوحيد. والله تعالى أعلى وأعلم.

ــــــــــــــــــــــ

(1) وشاهد ذلك قوله تعالى:  ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].

(2) وشاهد ذلك قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [المائدة: 5].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   10 متفرقات في العقيدة.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend