رؤية الكفار لله يوم المحشر

هناك فتوى للشيخ عبد الرزاق عفيفي :، عندما سئل: هل الكفار يرون الله في المحشر؟ فقال: نعم، الناس كلهم في الموقف يرون الله تعالى.
فجزاك الله خيرًا يا دكتور صلاح، أليس هذا يتعارض مع قوله تعالى: ﴿كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ﴾ [المطففين: 15]، أم أن هناك دليلًا لما قاله الشيخ عبد الرزاق :؟ برجاء التوضيح غفر الله لكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن هذه المسألة موضع نظر بين أهل العلم، وقد نشأ الخلاف فيها بعد المائة الثالثة، وكان الخلاف قبل ذلك بين أهل السنة وغيرهم محصورًا حول رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة: فأهل السنة يثبتونه وأهل البدع ينكرونه، ثم نشأت بعد المائة الثالثة قضية أخرى وهي: هل يراه الكفار والمنافقون أو لا يرونه؟ وهي من قضايا النظر والاجتهاد، وليست مسألة محنة ولا فتنة، وفي هذا يقول شارح «الطحاوية» :: «اختلف في رؤية أهل المحشر على ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه لا يراه إلا المؤمنون.
الثاني: يراه أهل الموقف، مؤمنهم وكافرهم، ثم يحتجب عن الكفار ولا يرونه بعد ذلك.
الثالث: يراه مع المؤمنين المنافقون دون بقية الكفار، وكذلك الخلاف في تكليمه لأهل الموقف»(1).
وقد احتدم حولها الخلاف في زمن شيخ الإسلام بين أهل البحرين، وقد كان فيهم علماء وصلحاء، فحصلت بينهم فرقة وشقاق وتهاجر وعداوة من أجل هذه القضية: هل الكفار يرون الله أم أنهم لا يرونه؟ وهم متفقون على أنه ليس في الجنة قطعًا، فالكفار لا يدخلون الجنة، لكن قالوا: في أثناء الحشر قبل الحساب، هل يرونه أو لا يرونه؟ وتهاجروا وتقاطعوا واختلفوا في هذه المسألة، فكتبوا إلى شيخ الإسلام : فكتب إليهم ليهون عليهم الأمر ويقول: «إن من أمور الدين ما هي أمور معلومة بالقطع، وبالدليل الجلي، وهذه هي الأمور التي يجب على الإنسان أن يظهرها وأن يدعو إليها، ولو أُوذي في سبيل ذلك، وأن يجاهد في ذلك ويتحمل الأذى أو أن يقاطع وأن يهجر من أجل ذلك، وهناك أمور ليست من هذا القبيل، وإنما هي محل نظر واجتهاد، فلا يمتحن فيها الإنسان، ولا يهجر من أجلها ولا يؤدب ولا يعزر، بل غاية ما يقال: إنه مخطئ، ومنها هذه القضية».
ونصُّ ما ذكره الشيخ عبد الرزاق : في ذلك ما يلي:
«فقال الشيخ :: نعم، الناس كلهم في الموقف يرون الله تعالى، لكن لا يتنعمون بالرؤية حتى أطيب عباد الله؛ لأنهم يكونون في بلاء وكرب. أما الرؤية التي فيها نعمة فهي في الجنة، والرؤية في المحشر ليست خاصة بالمنافقين، بل تعم أنواع الكفار».
وقد رأيت أن هذه القضية اجتهادية، فكلام الشيخ : فيها محتمل، وله في ذلك سلف. والله تعالى أعلى وأعلم.

ــــــــــــــــــــــــــ

(1) «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العز الحنفي ص212.

 

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الإيمان باليوم الآخر

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend