تداعيات حول قيام الساعة يوم الجمعة 21 ديسمبر 2012

السلام عليكم أخي، أتمنى أن تكون بخير، والله أنا أود أن أسألك في موضوع عن تداعيات تقول بأنه يوم الجمعة 21 ديسمبر 2012 يصطدم كوكب في الأرض وعندها ستقوم الساعة! هل هذا يعقل أم إشاعات طائشة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذه تهاويل يا بني لا تحزنك ولا تلتفت إليها، فلا يعلم أحد متى تقوم الساعة إلا الله؛ فإن مفاتح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله، كما قال تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 59]، وهي مذكورة في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: 34].
وفي البخاري: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا الله: لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا الله، وَلَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا الله، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْـمَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا الله، وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا الله»(1). ومن زعم تحديدها بميقات معلوم فهو كاذب.
والآيات في ذلك كثيرة في كتاب الله عز وجل، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾ [الأحزاب: 63]، وقال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187]، وإن مسلمًا يقرأ كتاب الله عز وجل لا تفُتُّ في عضده هذه التهاويل.
وللساعة يا بني علامات لن تقوم الساعة حتى يرى الناس هذه العلامات، كما قال تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ﴾ [محمد: 18]، وقد روى مسلم في كتاب «الفتن وأشراط الساعة» من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلع علينا النبيُّ صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر فقال: «مَا تَذَاكَرُونَ؟» قلنا: نذكر الساعة. قال: «إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ»، فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى بن مريم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خَسْفٌ بالمشرق، وخسفٌ بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم»(2).
لقد زعم مروِّجُو هذه الإشاعة أن كوكبًا يفوق الأرض حجمًا سيقترب من الأرض شيئًا فشيئًا حتى يرى بالعين المجردة عام 2011م، ثم سيرى بحجم الشمس عام 2012م، ثم يقترب من الأرض أكثر فأكثر حتى يُحدث خللًا في جاذبيتها ومغناطيسيتها وذلك في 21 ديسمبر 2012م يوم القيامة الصغرى. ونظرًا لقوته المغناطيسية العظيمة فإن اقترابه من مدار كوكب الأرض سوف يؤثر على دوران الأرض مما سيجبرها على التباطؤ شيئًا فشيئًا حتى يكون اليوم أطول من 24 ساعة، ثم تتوقف الأرض عن الدوران، وسينقلب القطبين فيصبح القطب الشمالي جنوبيًّا والعكس صحيح. ومن ثم ستدور الأرض من الشرق إلى الغرب لذا ستشرق الشمس من الغرب وتغرب من الشرق نظير قوة وأثر هذا الكوكب العملاق على كوكب الأرض القزم. وحين تتوقف الأرض عن الدوران سيؤدي هذا فيزيائيًّا إلى تدمير أوجه الحياة على وجه الأرض جزئيًا وربما كليًّا.
كل ما سلف لا يعدو أن يكون إشاعة محبوكة، وخرافة مختلقة، تروج هنا وهناك بشأن عام 2012م. وإمعانًا في التضليل بها ربطوها بتقارير أخبارية منسوبة إلى وكالة الفضاء الأمريكية NASA، وزعموا أيضًا أن الإنجيل قد أشار لهذا العام ولهذه الكارثة.
ويقيننا أن هذه التهاويل مجرد إشاعة ليس لها رصيد علمي ولا منطق فلكي ولا أساس شرعي.
وجذور هذه الأكذوبة كما يذكر بعض الباحثين ترجع إلى تقويم حضارة المايا Maya في المكسيك، هذا التقويم الذي بدأ العد فيه قبل الميلاد بـ 3014 سنة، وهو تقويم فلكي عدد أيامه 1872000 يوم، أي ما يعادل 5125 سنة، وسوف يصادف يوم الجمعة 21 ديسمبر 2012م (8 صفر 1434هـ) أن ينتهي العد في تلك الأيام من التقويم، ومن ثَمَّ سيشير التقويم آنذاك إلى أصفار ويبدأ الحساب من جديد.
وفي الواقع أن هذا التاريخ (21 ديسمبر 2012م) مجرد نهاية لتقويم شعب المايا القديم وبداية دورة جديدة، مثله مثل يوم 30 ذي الحجة و31 ديسمبر يكونان نهاية للسنة الهجرية والميلادية التي يعقبها الأول من محرم ويناير وهذه هي القضية.
وسواء صح هذا أو لم يصح فتلك خرافة استثمرها مطلقوها، فألفت فيها الكتب، وأُعدت لها الأفلام وجنى المخاعون الفاتنون من ورائها المليارات. ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ﴾ [الروم: 60]. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 الإيمان باليوم الآخر

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend