ما الدَّليل على أن المراد بتخليد أصحاب الكبائر المذكور في القرآن الـمُكث الطويل؟ هل لمجرد جمعها مع النصوص الأخرى القاضية بخروجهم؟ وهل ورد في كلام العرب الخلود بمعنى المكث الطويل أو المؤقت، وخصوصًا قد وصف الله هذا الخلود بالأبدية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد أجمع أهلُ السُّنة على عدم تخليد أصحاب الكبائر بالنار إلا من استحل منهم ذلك، وقد أصبح هذا من المعلوم من العقائد بالضرورة، ولم يُنازعه فيه إلا الخوارج والمعتزلة، وقد اتفقت الأمة على بدعية مسلكهم، واعتبارهم من الفرق الضالة المتوعَّدة بالنار على لسان المعصوم صلى الله عليه وسلم .
ومن الأَدِلَّة على ذلك الجمعُ بين النصوص كما ذكرت، وأن الشَّريعة لا تُعامل أصحاب الكبائر معاملة المرتدِّين، فلا تعامل السُّرَّاق ولا القتلة ولا الزناة معاملة المرتدين، بل فاوتت بينهم في العقوبات، فدل على تفاوت دركاتهم في الإثم، وأنها فرَّقت بين الشرك وبين ما دونه، فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ [النساء: 48].
فأصحاب المعاصي دون الشرك في خطر المشيئة: إن شاء الله عذبهم، وإن شاء غفر لهم، وإن أردت الاستقصاء في ذلك فارجع إلى أيِّ كتاب من كتب العقائد عند أهل السنة ففيها تفصيل القول في ذلك. والخلود قد يأتي بمعنى طول المكث، وقد يأتي بمعنى التأبيد، ويفرق بين هذا وذاك بالقرائن. زادك اللهُ حِرْصًا وتوفيقًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.