قال بأن الحق سينتصر وإن لم يوجد إله

جاءني أحد أقاربي اليوم يستفزني ويغيظني بسبب حبس قيادات التيار الإسلامي. فقال لي: مبروك فلان قبضوا عليه وسُجن. وأنا كنت ذاهبًا لأتوضأ، وأثناء الوضوء أو قبله- لا أتذكر- قلت في نفسي: إن شاء الله ربنا يُظهر الحق، ربنا لا يرضى بالظلم أبدًا. ثم قلت في نفسي عبارة: «ده لو مفيش إله». وكنت سأكملها بهذه العبارة «الحق بردوا هينتصر». ولكني تنبهت، وأثناء تنبهي شعرت بحركة لساني بالجزء الأول من العبارة وهو «ده لو مفيش إله»، والاقرب إلي أني نطقتها أو على الأقل نطقت جزءًا منها، ومن ساعتها وأنا نادم على هذا، ويعلم الله أني لم أكن أقصد أن أكفر ولم أكن أشكِّك في وجود الله أو قدرته، ولكني أيضًا لا أعلم ما كنت أقصده بالضبط أثناء هذا التفكير. فهل يعتبر ذلك كفرًا أو ارتدادًا عن الإسلام والعياذ بالله؟ وإن حدث ذلك فهل حبطت جميعُ أعمالي؟ وما يلزمني لكي أتوب إلى الله؟
أرجوك يا دكتور جاوبني تفصيليًّا على كيفية التوبة من ذلك. وشكرًا وجزاك الله كل خير.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فما دمت تجد قلبك مطمئنًّا بالإيمان، لم تشُبْه شائبةٌ من ريبة أو تكذيب، وكانت هذه الكلمة مجرَّد افتراض منك، ثقة منك بأن الحقَّ لابد أن ينتصر في النهاية بمقتضى النقل والعقل جميعًا- فأرجو أن لا حرج في هذه الكلمة إن شاء الله، فإنَّ افتراض المستحيلات وارد في كتاب الله عز وجل، فقد قال تعالى:{ لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 17]. وقال تعالى: { قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: 81] . ونظائر ذلك كثير في كتاب الله عز وجل.
وعلى كل حال ننصحك بكظم غيظك، والتحكم في ردود أفعالك ما استطعت. فـ«لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ (1)، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ»(2). والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أي: الذي يصرع الناس كثيرًا بقوته. «فتح الباري» (10/ 115).

(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «الحذر من الغضب» حديث (6114)، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب» حديث (2609)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend