سؤال الله عيسى عليه السلام وهو أعلم

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم مُخاطبًا سيدنا عيسى: ﴿يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [المائدة: 116].
فكيف لا يعلم اللهُ {#emotions_dlg.azz} عما إذا كان سيدنا عيسى قال ذلك أم لا؟ على الرغم من كونه نبيًّا وكان صلى الله عليه وسلم يخاطبه، نرجو التوضيح. وجزاكم اللهُ خيرًا وكلُّ عامٍ أنتم بخير.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
سؤالُ الله عيسى على رءوس الأشهاد يوم القيامة ليُظهر براءته مما نُسب إليه زورًا وبهتانًا، وقد قال تعالى: ﴿فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ﴾ [الأعراف: 6- 7]. ومعلوم أن السُّؤال في اللُّغة ليس للاستفهام فحسب، بل قد يكون للتَّقْرير وقد يكون للإنكار والتَّوْبيخ، وقد يكون للتَّكْذيب والتَّهْديد، أو لغير ذلك من المقاصد، اقرئي مثلًا قولَه تعالى: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا﴾} [الإسراء: 40]؛ فالاستفهام هنا لبيان كذبهم ولوعيدهم وتهديدهم، ومثله قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ [القيامة: 36] وقوله تعالى: ﴿أَفِي اللَّهِ شَكٌّ﴾ [إبراهيم: 10]؛ ومن أمثلة الاستفهام التَّقْريري قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ [الضحى: 6]، ولهذا عشرات النَّظائر في الكتاب والسُّنَّة.
زادك اللهُ حِرْصًا وتوفيقًا، ورزقنا وإيَّاك الفقه في الدِّين. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend