المنة على الله بالتوسل بالأعمال الصالحة

علمت أن التوسل إلى الله  بالأعمال الصالحة كما في قصة أصحاب الغار جائز. أَلَا يُعتَبر هذا من قبيل المنة على الله؟ وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد ورد التوسل بالأعمال الصالحات في نصوص كثيرة، وليس هذا من قبيل المنة على الرب جل وعلا، بل لله الفضل والمنة، ولكن من قبيل التعبد بما أرشدنا إليه؛ فقد قال جل وعلا: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾ [المائدة: 35].
والوسيلة عند جمهور المفسرين هي الأعمال الصالحة، ولا ينبغي أن تعارض بالنصوص بما نتوهمه معقولًا، بل ينبغي أن نتهم الرأي في الدين، ولو كان الدين يؤخذ قياسًا لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره(1)؛ لأن باطنه هو المباشر للنجاسات والقاذورات.
وعن عمر بن الخطاب أنه قال: أيها الناس، اتهموا الرأي في الدين، فلقد رأيتُني وإني لأردُّ أمرَ رسول الله ﷺ برأيي فأجتهد ولا آلو، وذلك يوم أبي جندل والكتاب يُكتَب وقال: «اكْتُبُوا: بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». فقال: يكتب: باسمك اللهم. فرضي رسول الله ﷺ وأبيتُ، فقال: «يَا عُمَرُ تَرَانِي قَدْ رَضِيتُ وَتَأْبَى؟»(2). والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الطهارة» باب «كيف المسح» حديث (162) من قول علي.
(2) أخرجه البزار في «مسنده» (1/254) حديث (148)، والمقدسي في «المختارة» (1/325) حديث (219)، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/179) وقال: «رواه أبو يعلى ورجاله موثقون».

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend