مسئولية المقيمين في بلاد غير المسلمين عن ناشئتهم في المستقبل

هل نحن مسئولون عن ذريتنا من الأحفاد وعن ذريتهم، بسبب هجرتنا إلى بلد غير مسلم وهو كندا؟
إننا نبذل قصارى جهدنا لتنشئة أطفالنا تنشئة إسلامية، مع العلم أنهم من المحتمل جدًّا أنهم سيفضلون البقاء والعيش في بلد غير مسلم بسبب وضعية معظم البلدان الإسلامية.
كنت أنوي أنا وزوجتي العودة إلى بلدنا الجزائر، ولكن قدَّر الله أننا رُزقنا بطفل ذي إعاقة التوحُّد بدرجة خفيفة، وهو الآن يدرس في قسم خاص مع عدد محدود من الأطفال بنفس الإعاقة. الأقسام الخاصة بهذه الفئة من المعاقين غير متوفرة في بلادنا، والطفل قد يدمج مع أطفال يعانون من إعاقات شديدة.
إنني متردد وحيران نظرًا لعِظَم المسئولية بسبب هجرتنا وإقامتنا ببلاد الكفر، هل ينطبق علينا حديث رسول الله ﷺ: «مَنْ سَنَّ في الإِسْلَام سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بها بَعْدَهُ من غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ من أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ في الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كان عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ من عَمِلَ بها من بَعْدِهِ من غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ من أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ»(1)؟

_________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الزكاة» باب «الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة» حديث (1017) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن المرء يُقيم حيث يكون أرضى لله وأعبد له، وحيث يكون أنفع لدينه ولعباده، فإن كنت قادرًا على إقامة دينك حيث تُقيم، وتيسر لك من الرفقة الصالحة ومن المؤسسات الإسلامية ما يُعينك على ذلك، فإن إقامتك مشروعة.
أما إذا استضعفت فلم تتمكن من إقامة دينك، أو لم تتمكن من إظهاره، فلا تحل لك الإقامة إلا مكرهًا أو مضطرًّا.
وما ينطبق عليك في الوقت الراهن ينطبق على ذريتك، فإن تيسرت لهم مدارس إسلامية وبيئة صالحة ورفقة صالحة جازت إقامتهم، وإلا تعيَّن عليك الانتقال بهم إلى حيث يتوفر لهم ذلك.
والمستقبل غيب بيد الله وحده، فهو الذي إليه تصير الأمور(1)، وإليه يُرجَع الأمر كله(2)، ولك حكم الساعة التي أنت فيها، والأمور تُبنى بغلبة الظن. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) قال تعالى: ﴿ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ﴾ [الشورى: 53].

(2) قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [هود: 123].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend