ما رأيك في سيد قطب والحَمْلة المسعورة ضده؟

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الأستاذ سيد قطب : أحدُ الدعاة المتميزين في واقعنا المعاصر، وقد وهبه الله قلمًا رشيقًا وعاطفة إسلاميَّة جياشة متدفقة، وألان له الكلمات فكانت تسيل من قلمه فيما يعتقد كالسلسبيل، والقضيَّة التي عاش لها ودفع حياته فداءً لها هي قضيَّة تحكيمُ الشَّريعةِ والكفرُ بطاغوت القوانين الوضعية، وقد أحسن فيها وأجاد :، ولأنه كان أديبًا متميزًا فإن كلماتِه لا تُوزن بما توزن به كلمات الفقهاء والأصوليين، ومن فَعَل بتراثه ذلك فقد ظلمه لأنه حمَّله ما لا يحتمل وظلم نفسه لأنه لم يسلك بها في طلب العلم المسلك الشَّرْعي الصَّحيح، وذلك بأن يأخذ فقه الدعوة من الدعاة، ويأخذ الفِقْه من الفقهاء، والحديث من المحدِّثين، والتفسير من المفسرين وهكذا، وقد هلك في هذا الداعية رجلان: رجلٌ غلا فيه فلم يحتمل كلمةَ نقد تُوجَّه إليه، وفريق انحرف عنه فنسب إليه من المثالب والشنائع ما نجزم بأن الله تعالى قد برأه منه، والحقُّ وسط بين هؤلاء وهؤلاء.
فسيد قطب : في طلائع الدعاة إلى الله في واقعنا المعاصر، وقد أجاد في مواضع كثيرة، وترك فيها تراثًا نافعًا لا يزال رصيدًا مباركًا وزادًا طيبًا لكثير من السالكين إلى الله في واقعنا المعاصر، وله مبالغات في بعض المواضع جانبه فيها الصَّواب، وكلُّ النَّاس يؤخذ منه ويرد عليه إلا رسولَ الله ﷺ، وخيرٌ لنا أن نُمسك ألسنتنا عمن سبقونا بالإيمان، وأن نحمل المتشابه من أقوالهم على أحسن محامله، وأدنى السَّلامة في ذلك أن نقول: ﴿تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [البقرة: 134] واللهُ تعالى أعلى وأعلم.