هل يجوز تعلُّم اللغة الإنجليزية والكمبيوتر؟ وما المقصود بما في معنى الحديث الشريف: ««مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ الله لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْـجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»»(1).
عندما أقوم بتعلُّم اللغة الإنجليزية والكمبيوتر ستكون نيَّتي أن أجدَ فرصةَ عملٍ، مع العلم بأنني غيرُ مضطرٍّ ولا مجبرٍ، هل ما أقوم به هذا يُعَدُّ إصابةً للدنيا على معنى الحديث، أم أن المقصود بهذا الحديث العلم الشَّرْعي فقط؟
______________
(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/338) حديث (8438)، وأبو داود في كتاب «العلم» باب «في طلب العلم لغير الله تعالى» حديث (3664)، وابن ماجه في «المقدمة» باب «الانتفاع بالعلم والعمل به» حديث (252) من حديث أبي هريرة ، وذكره العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/38) وقال: «أبو داود وابن ماجه بإسناد جيد».
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا حرج عليك أن تتعلَّم مهنةً من المهن لكي تقومَ من خلالها بأمور معاشك، وقد انعقد على هذا إجماعُ المسلمين، ولا تعارُض بين هذا وما جاء في الحديث الذي ذكرتَ، فإن الحديثَ إنما يتناول علومَ الشَّريعة البحتة، وفي الباب قولُه ﷺ: «مَنِ ابْتَغَى الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ يُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يَقْبَلَ إِفَادَةَ النَّاسِ إِلَيْهِ- فَإِلَى النَّارِ»(1)، وفي روايةِ جابر بن عبد الله رضي الله عنه : أن رسولَ الله ﷺ قال: «لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ تُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْـمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالنَّارُ النَّارُ»(2)، وأنت عندما تتعلَّم مهنةً من المهن لتصون بها وجهك عن مذلَّة السُّؤال، وتطعم من خلالها أهلك، وتصل من خلالها رحمك فهذا عملٌ صالح يُبتغى به وجه الله(3)! فأَحْسِنِ النِّيَّةَ ولا تقلق! واعلم يا بني أن النيات تجارةُ العلماء. زادَك اللهُ حِرْصًا وتوفيقًا. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.
_____________________
(1) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (1/161) حديث (293)، وابن أبي الدنيا في «الصمت وآداب اللسان» (1/106) حديث (141)، والطبراني في «الكبير» (19/100) حديث (199)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (2/283) حديث (1772) من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «صحيح الجامع» (5930).
(2) أخرجه ابن ماجه في «المقدمة» باب «الانتفاع بالعلم والعمل به» حديث (254)، وابن حبان في «صحيحه» (1/278) حديث (77)، وذكره الكناني في «مصباح الزجاجة» (1/37) وقال: «هذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم».
(3) فقد أخرج مسلم في كتاب «الزكاة» باب «فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم عنهم» حديث (995) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله ﷺ: ««دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ الله، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ»»