كيف يمكن الموازنة بين علوم الدين وعلوم الدنيا؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
في علوم الدين ما هو فرض عين ومنها ما هو فرض على الكفاية، فتعلم فروض العين من علوم الدين متحتم على كل مسلم يأثم بتركه ولا يسعه جهله، وذلك كتعلم ما لا تصح صلاته ولا صومه ولا سائر عباداته إلا به، وليس بالضرورة أن يعلم كل مسألة بدليلها، وإنما يكفيه سؤال من يثق في دينه وعلمه من أهل الفتوى لتكون عبادته لله على بصيرة، أما علوم الكفاية فهي التي تجب على مجموع الأمة وليس على جميع آحادها فردًا فردًا، كتعلم المواريث وتفاصيل الأحكام ودقائق المعاملات ونحوه، وهذه يجب أن يكون في الأمة من يحيطون بها علمًا، ولكن لا يتحتم معرفة ذلك على الناس كافة.
أما علوم الدنيا فالأصل فيها الإباحة، ومنها ما قد يكون فرضًا على الكفاية، وقد يكون منها ما هو محرم، ففروض الكفاية من علوم الدنيا تتمثل في تعلم أصول الحِرَف كتعلم أصول الزراعات والصناعات وسائر المهن التي تمس حاجة الأمة إليها، فيجب أن يكون من الأمة من يتقن هذه الحِرَف حتى لا يلجئها إلى تسول ذلك من خصومها، مع ما يستتبعه ذلك من مهانة وتبعية، ومنها ما قد يكون محرمًا كتعلم السحر وفنون الرقص وسائر الفنون الهابطة المحرمة.
وعلى المسلم أن يتعلم فروض الأعيان من أمور الدين، وهذه لها الأولوية الأولى، ثم يتزود من فروض الكفاية من كلا الجانبين حسب ما تحتاجه الأمة من ناحية، وحسب استعداداته وقدراته من ناحية أخرى. وإن الله قسم الأعمال كما قسم الأرزاق. والله تعالى أعلى وأعلم.
الموازنة بين علوم الدين وعلوم الدنيا
تاريخ النشر : 30 يناير, 2012
التصنيفات الموضوعية: 09 آداب العلم وطرق تحصيله