غضب أمِّ من ابنتها بغير حقٍّ

جزاك الله خيرًا أعانك الله على قول الحق، أقوم برعاية والدتي منذ زمن بعيد بحكم أنني تأخرت بالزواج، وبأن لدي عملًا جيدًا ودخلًا لا بأس به، ولا أذكر يومًا أنني رفضت لها طلبًا ماديًّا واحدا، بالرغم أن لدينا فكرًا ومنطقًا مختلفًا تمامًا في تناول الأمور الدنيوية؛ إلا أن الاحترام كان موجودًا باستمرارٍ.
منذ بضعة أيام طلبت مني والدتي استخدام منزلي ومنزل زوجي الذي قُمنا بشرائه في بلدي الذي لم أعد أعيش فيه، وقلت لها بكل لطف: إن زوجي لا يرغب في ذلك. فقامت بإيذائي والتطاول عليَّ وأيضًا أغلقت الهاتفَ في وجهي، ومع ذلك حاولت أن أتحدث إليها بعد يومين وحاولت أن أشرح لها وجهة نظري؛ إلا أنها كانت سليطة اللسان، فأدخلتُ زوجي في الحديث كي يُخبرها أنه هو صاحب الشأن، وقام بتوضيح وجهةَ نظره في هذا الموضوع، ولماذا هو لا يرغب في استعمال المنزل من قبل أي أحد، إلا أنها تطاولت عليه أيضًا.
مختصر الكلام أن المكالمة انتهت بالدعاء عليَّ وبأنها غاضبة وغير راضية أمام الله علي، وبالطبع كونُ هذا الشيء يحصل للمرة الأولى ردَدْت أنا عليها أيضًا بنفس دعائها.
الرجاء مساعدتي في هذا الموضوع حيث إنني خائفة جدًّا من غضب الله، ماذا نفعل إن كان آباؤنا سليطي اللسان وغيرَ متفهمين لظروف أبنائهم، حتى لو أدى ذلك إلى مشاكل في حياتهم الزوجية؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فما كان لوالدتك أن تتصلَّب في مطالبها باستعمال شقَّة زوجك، وهو صاحب القرار فيها، وما أنت إلا شافعةٌ عنده على أحسن الأحوال, وما كان لها أن تخرب علاقتك بزوجك بالشدَّة عليه في مطالبتها بما ليس حقًّا لها، فمن تصرف في ملكه ما ظلَم، وما على المحسنين من سبيل، ولكن:
ما كان لك أن ترُدي على دعائها عليك بمثله، فإن حق الأمومة عظيم، وما كان ينبغي لك أن تتجاوبي مع نوازع الغضب وثورته، إلى الحدِّ الذي يحملك على الرد عليها بمثل ما قالت، وهي التي حمَلتك في بطنها تسعةَ أشهر وهنًا على وهن(1).
فيلزمك التوبةُ من ذلك، والسعيُ لاسترضائها بكلِّ سبيل، والتوسُّلُ إليها بمن لا تُرَدُّ شفاعته، ومحاولة إقناعها بأنك بالنسبة لممتلكات زوجك ما أنت إلا شافعة عنده، وهو صاحب القرار في ماله، ومن تصرف في حقه ما ظلَم، واصبري على جفائها في هذه المرحلة إلى أن يأذن الله بشرحِ صدرها لتفهم موقفك، وأكثري من الدعاء لها بظهرِ الغيب كما دعوتِ عليها.
وأسأل الله أن يشرح صدرها لتجاوز هذا الموقف، وتفهُّم حرج موقفك ودقته. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________________

(1) قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14].

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend