اليمين الكاذبة لتبرئة النفس في خصومة قضائية

طلبت من شاب التقدم لخطبتي لما رأيته من حسن أخلاقه ودينه، فوافق على ذلك ولكن بعد أن تتحسن أوضاعه المادية، وبعد شهرين ندمت على تسرعي في ذلك وحاولت إفهامه أني تراجعت عن طلبي، ولكنه لم يقتنع وصار يلاحقني في الطريق لمدة سنة، فرفعت عليه دعوى لأنه يقوم بإيذائي، هل يجوز لي في المحكمة أن أنفي أني دعوته إلى خطبتي من البداية؟ أي أن أكذب في المحكمة فقط لأنني لم أطلب منه التقدم لخطبتي إلا لأستر نفسي من الفضيحة؟ أم أن هذا حرام؟ علمًا أنه لم يحصل بيننا ما يغضب الله لا في الفعل ولا في القول، هل يجوز أن أحلف بالله كذبًا لأستر نفسي؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد كان الأولى لك أن تبحثي عن سبيل لإقناعه بدون اللجوء إلى القضاء، لا سيما وأنك أنت التي دعوته إلى خطبتك من البداية وفتحت هذا الباب بيديك، لقد كان في مقدورك أن تبحثي عن أحد من الصالحين من قيادات الجالية ليتوسط لإنهاء هذا الأمر، أما وقد جرى ما كان فلا يحل لك الكذب أمام المحكمة ثم القسم على ذلك، فإن اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع(1)!
استعيني بالله عز وجل  واصدقي في قولك وسينجيك الله بصدقك. والله تعالى أعلى وأعلم.

_______________________

(1) فقد أخرج البيهقي في «الكبرى» (10/35) حديث (19655) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «لَيْسَ شَيْءٌ أُطِيعَ اللهُ فِيهِ أَعْجَلَ ثَوَابًا مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَعْجَلَ عِقَابًا مِنَ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ»، وأخرج الطبراني في «الأوسط» (2/19) حديث (1092) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه  أيضًا بلفظ: «إن أعجل الطاعة ثوابًا صلة الرحم، وإن أهل البيت ليكونون فُجَّارا فتَنمُوا أموالهم ويكثر عددهم إذا وصلوا أرحامَهم، وإن أعجل المعصية عقوبةً البغيُ والخيانة، واليمين الغموس تُذهب المال وتقل في الرحم وتذر الديار بلاقع»، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (4/180) وقال: «رواه الطبراني في الأوسط وفيه أبو الدهماء الأصعب وثقه النفيدي وضعفه ابن حبان».

وبلاقع: جمع «بلقع»، وهي الأرض القفراء التي لا شيء فيها.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق, 18 القضاء

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend