البلاء والابتلاء

بارك الله فيك، هذا سؤال لأحد الإخوة يسأل: هل هناك فرق بين البلاء والابتلاء؟وأتمنى شرح وإيضاح قوله صلى الله عليه وسلم: «عِظَمُ الْـجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»(1). حيث إنه جمع البلاء والابتلاء في حديث واحد. نفعنا الله بعلمكم.

__________________

(1) أخرجه الترمذي في كتاب «الزهد» باب «ما جاء في الصبر على البلاء» حديث (2396)، وابن ماجه في كتاب «الفتن» باب «الصبر على البلاء» حديث (4031). وقال الترمذي: «حديث حسن غريب»، وحسنه ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (2/181)، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» حديث (146).

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيقول الإمام البخاري في «صحيحه»: الابتلاء والتمحيص من بَلَوْتُه ومحَّصتُه أي: استخرجتُ ما عنده، يَبلُو: يَختبر، مُبتليكم: مُختبركم. وأما قوله: «بلاء عظيم»(1) فهو النعم، وهي من أبليتُه، وتلك من ابتليته(2). انتهى.
قال الحافظ في «الفتح»: والمراد به الاختبار، ولهذا قال: هو من بَلَوْتُه إذا استخرجت ما عنده، واستشهد بقوله: نبلُو أي نختبر، ومُبتليكم أي مختبركم، ثم استطرد فقال: وأما قوله: بلاء من ربكم عظيم أي نعيمٌ، وهو من ابتليتُه إذا أنعمت عليه، والأول من ابتليته إذا امتحنته…
إلى أن قال: وتحرير ذلك أن لفظ «البلاء» من الأضداد، يطلق ويراد به النعمة، ويطلق ويراد به النقمة، ويطلق أيضًا على الاختبار، ووقع ذلك كله في القرآن، كقوله تعالى: ﴿بَلَاءً حَسَنًا ﴾ [الأنفال: 17] فهذا من النعمة والعطية، وقوله: «بلاء عظيم» فهذا من النقمة، ويحتمل أن يكون من الاختبار، وكذلك قوله: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ﴾ [محمد: 31] والابتلاء بلفظ الافتعال يراد به النقمة والاختبار أيضًا(3). انتهى كلامُ الحافظ، ومنه يعلم المراد. والله تعالى أعلى وأعلم.

________________

(1) يقصد قوله تعالى: ﴿بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: 49].

(2) البخاري في كتاب «المناقب» باب «هجرة الحبشة» حديث (3872).

(3) «فتح الباري» (7/190).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق, 11 التوبة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend